المجالس البلدية.. الواقع والتطلعات

 

سيف بن سالم المعمري

لا يزال المواطن يتطلع لدور أكبر تقوم به المجالس البلدية لتطوير النظم والخدمات البلديـة فـي نطاق كل محافظة، وأن يتجاوز دورها تقديـــم الآراء والتوصيات إلى تنفيذ المشاريع البلدية، وإحداث نقلة نوعية في المحافظات، وواقع حال مجالسنا البلدية لا تزال في حدود اختصاصاتها في البنود الثلاثين التي تضمنتها المادة(16) من قانون المجالس البلدية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (116/2011)، وبعد انقضاء الفترة الأولى ودخولنا في النصف الثاني من الفترة الثانية للمجالس البلدية لا تزال تطلعات المواطن أكبر من تلك المجالس.

وسبق لي التَّطرق في مقال سابق بعنوان: أين مقر المجلس البلدي؟ وتناولت فيه أهمية أن يكون للمجالس البلدية مقرات ثابتة في كل محافظة، وضرورة أن يهيأ لها الموظفون المختصون الذين يتم من خلالهم استقبال مقترحات وآراء المواطنين؛ تمهيدا لرفعها إلى أعضاء المجلس البلدي في اجتماعاتهم الاعتيادية، وفي هذا المقال ساستعرض واقعها وتطلعات المواطن، فمع نهاية كل شهر ميلادي يستمع المواطن ويشاهد ويقرأ في وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي سيلا من الآراء والمناقشات والدراسات والتوصيات التي تخلص إليها الاجتماعات الاعتيادية للمجالس البلدية في جميع محافظات السلطنة، ولو افترضنا أن كل مجلس بلدي في كل محافظة يخرج بتوصيتين إلى ثلاث في كل اجتماع، فلن تقل توصياته مع نهاية كل عام عن أربعة وعشرين توصية، لكن المواطن لم يلمس أثرا محسوسًا لها، وبالتالي تصبح لدى المواطن قناعة تتعمق يومًا بعد آخر بأن تلك المجالس لا فائدة منها!  

ومن يقرأ اختصاصات المجالس البلدية في المادة(16) من قانون المجالس البلدية آنف الذكر، يدرك يقيناً أن ما يدور في اجتماعات المجالس البلدية هي في صلب اختصاصاتها، وأن هناك جهودا مضنية يبذلها الأعضاء لتطوير منظومة العمل البلدي، وأن تحقيق تطلعات المواطن بأكبر قدر ممكن مما هو حالها الآن يتطلب إعطاء صلاحيات أوسع مالية وإدارية وكذلك تشريعية، إذ ليس من الإنصاف أن تحمل المجالس البلدية أكثر من طاقتها وليس لها موازنات مالية تستطيع من خلالها تنفيذ المشاريع بعد الدراسة وتداول الآراء والإجماع على القرارات، وفي ذلك، فمن الأهمية أن يخصص مجلس الوزراء في كل فترة للمجالس البلدية موازنات مالية بنسبة وتناسب بين كل محافظة وأخرى ويشرف عليها مجلس المناقصات، بحيث يُمكن كل مجلس بلدي وبالتنسيق مع المؤسسات الخدمية تنفيذ المشاريع البلدية في مجالات الخدمة العامة كالطرق الداخلية والإنارة، وتوصيل شبكات المياه في المخططات السكنية، والتشجير وإنشاء المواقف ودورات المياه العامة، والحدائق والمتنزهات بحسب احتياجات كل محافظة وحسب مرئيات وخطة كل مجلس في كل محافظة في كل فترة، وفي الجانب الإداري والتشريعي فمن الأهمية أن يشرك كل مجلس بلدي في إبداء الآراء والمقترحات في المشاريع التي تنفذها الحكومة ذات البعد الاستراتيجي والتي ترصد لها الموازنات المالية المركزية عن طريق مجلس المناقصات كربط محافظة بمحافظة أخرى بالطرق المزدوجة والسريعة، ومد شبكات المياه بين محافظة وأخرى وبين محطات التحلية، وكذلك الحال في شبكات الغاز ومحطات توليد الكهرباء ومد شبكات الصرف الصحي، وبناء المنشآت الحيوية كالمدارس والمستشفيات ومراكز التدريب والمعاهد والكليات والجامعات والمنشآت الرياضية والشبابية المختلفة.

إنَّ من الأهمية الملحة أن تسند للمجالس البلدية دراسة وتنفيذ المشاريع الخدمية التي تلامس حياة المواطن في كل محافظة، وإن عدم الالتفات إلى تلك المشاريع من قبله، تزيد من هوة التواصل والانسجام بين المواطن ومؤسساته البرلمانية، فالعمل لتنفيذ أولويات المواطنين من المشاريع الخدمية التي تهم جميع شرائح المجتمع أكثر أهمية من التركيز على تنفيذ المشاريع للفئات النوعية، فالمشاريع النوعية مسؤولية أصيلة لكل مؤسسة، كل في مجال اختصاصاته، بينما المشاريع العامة التي سبق الإشارة إليها كمد شبكات المياه والكهرباء والطرق والاتصالات والغاز والصرف الصحي، والحدائق والمتنزهات هي ما يشغل المواطن صباح مساء، وما يليه من مشاريع وبرامج، فهي ضمن الخطط المستقبلية لتعزيز الرفاه والحياة العصرية الكريمة.

 فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،،

  Saif5900@gmai.com