الكلباني.. لماذا قرر الرحيل؟!

سيف المعمري

بعد مسيرة حافلة بالعطاء في رئاسة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الظاهرة، خلال الفترة 2014-2018، وقبيل فتح باب الترشح لمجالس الإدارة بفروع غرفة تجارة وصناعة عُمان بالمحافظات، أعلن الأستاذ القدير علي بن صالح الكلباني رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الظاهرة -عبر حسابه الشخصي (@ali_klbani) على "تويتر"- قراره عدم الترشح لانتخابات مجالس إدارات الغرفة خلال الفترة المقبلة. وغرد قائلا: "تشرفت في السنوات الماضية برئاسة فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الظاهرة، ورغبة مني في إعطاء الفرصة للآخرين، قررت عدم الترشح في انتخابات الغرفة الحالية، شاكرا ثقة الجميع".

فعلي بن صالح الكلباني شخصية قيادية بامتياز، ورجل مثابر، وطاقة متوهجة من النشاط والعمل، ولديه إسهامات ماثلة للعيان في جميع مراحل حياته العلمية، والعملية، عضو الفريق الثقافي بنادي عبري، الذي حقق أول إنجاز عُماني على المستوى الخليجي في المسابقة الثقافية بحصول السلطنة على المركز الأول على مستوى الأندية الخليجية، والتي أقيمت بدول الكويت عام 1987، وعمل في وزارة التربية والتعليم لمدة 15 عاما، وتدرج من معلم إلى مدير مدرسة، ثم مشرف تربوي، وكاتب وإعلامي من أكثر من 39 عاما؛ وعضو في الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ومؤسس مكتب جريدة الوطن بعبري، وكان مراسلا صحفيا للجريدة، نشر مئات المقالات في عمود "قوافل بلا حدود" بجريدة الوطن، وعمود صحفي بعنوان "قوافل اقتصادية"، وكان عضوا في مجلس الشورى لفترتين، وهو مؤسس وصاحب مكتب الكلباني العقارات بعبري، والذي يعد من أفضل وأشهر المكاتب العقارية في السلطنة؛ لتميزه عن غيره، ولدوره الفاعل في خدمة المجتمع، كما أنه أحد مؤسسي الاتحاد العربي للتنمية العقارية.

نذر علي بن صالح الكلباني حياته للعمل المضني وإخلاصه فيه، فانتظم بالدوام الرسمي رئيسا لمجلس إدارة غرفة الظاهرة منذ الصباح الباكر وحتى ساعات متأخرة من الليل، رغم أنه لا يتسلم أي مرتب من المنصب، لكنه لم يتغيب يوما واحدا عن الدوام في الغرفة، كان ديدنه أن يساعد شباب محافظة الظاهرة للتواجد في جميع المسابقات والمناسبات الاجتماعية والوطنية، وكان يدفع بالشباب للدخول إلى عالم ريادة الأعمال، وكان يسخر قاعات الغرفة لخدمتهم، وقد نجح نجاحا باهرا في إبراز جميع الفرق التطوعية بالظاهرة، وأسهم بشكل مباشر في إبرازهم وتسهيل أنشطتهم ومعارضهم التجارية، ومؤلف وصاحب أول كتاب وثقائي عن عبري بعنوان "عبري.. تاريخ وحضارة"، كما أصدر كتيبا ضمَّنه رسائل عن احتياجات محافظة الظاهرة، ووُزِّع على عدة جهات حكومية، وكان ولا يزال من أكثر المنادين بتأسيس جامعة الظاهرة، وكان حلمه وحلم أعضاء مجلس إدارة الغرفة وأبناء الظاهرة، أن لا يرحلوا عن مجلس إدارة غرفة الظاهرة إلا بعد إنشاء الميناء البري والمنطقة الصناعية بولاية عبري، والتقى وزير التجارة والصناعة، وتلقى الوعود، ولم تتحقق أحلامهم حتى الآن.

فإنجازات علي بن صالح الكلباني في فترة رئاسته لمجلس إدارة الغرفة بالظاهرة، لا يتسع المجال لذكرها جميعا، إلا أن ما يستحق الإشارة أنَّ فكرة المهرجانات السياحية والتسويقية الاستهلاكية والاحتفالات الاجتماعية والوطنية كان المحرك الرئيس لها أبو وائل، فلم تعرف ولايات الظاهرة قبل إداراته كتلك المهرجانات التي أقيمت في ولايات الظاهرة (عبري، وينقل، وضنك)، وإن كانت بعض المؤسسات بالمحافظة حاولت أن تنسب نجاح وتنظيم تلك الفعاليات لنفسها، لكنَّ الحقيقة تتحدث عن نفسها.

وعزا الكلباني رحيله عن الغرفة، لإتاحة الفرصة للآخرين، دون الإشارة إلى أسباب آخرى، وهي من شيم القادة، وأصحاب الهمم العالية، لكنَّ أبا وائل -كما يحلو للكثيرين من أصدقائه وأحبائه أن يخاطبوه- لم يكن ليستأثر بمصالحه الشخصية على حساب مصلحة أبناء محافظته، ولم يكن يغريه المنصب ووجهاته؛ فالمناصب القيادية التي تقلدها والمطعَّمة بإنجازاته المشهودة على مستوى الظاهرة والسلطنة، لم تكن تدفعه ليتسلل الشعور -ولو لحظة- بكبرياء المنصب، فلم يشعر من حوله يوما أنه مسؤول أمامهم، وكان يسأل ويستمع لكل فرد في المجتمع، فأسكن قلبه الجميع، فأحبهم وأخلص لهم، فكافأه الله بمحبة الناس له.

إنَّ قرار الكلباني بالرحيل عن مجلس إدارة الغرفة، لا يُمكن أن يُقرأ بعيدًا عن إيمانه بعِظم المسؤولية التي هو أهلٌ لها، لكنه لم يجد الآذان الصاغية التي تعينه على تحقيق تطلعات أبناء محافظته، واستثمار خيراتها وموقعها الإستراتيجي. ومن يُتابع حضور الكلباني لمختلف الفعاليات والمناسبات، وأحاديثه المستمرة في الندوات والمحاضرات والمؤتمرات واللقاءات الصحفية والإذاعية والتليفزيونية، ومثل السلطنة في العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية في: الأردن، ولبنان، ومصر، والمغرب، وسوريا، والهند، وتايوان، وتركيا، والصين، وماليزيا، وإندونيسيا، ودول الخليج، وإسبانيا، وبريطانيا...وغيرها، كان ينادي بأعلى صوت موجها كلامه لكبار المسؤولين في الدولة وأصحاب الأعمال والمستثمرين من داخل وخارج السلطنة قائلا: "استثمروا في محافظة الظاهرة".

فقرار الكلباني بالرحيل عن مجلس إدارة فرع الغرفة بمحافظة الظاهرة، بعد مسيرة معبَّقة بالعطاء، وبعد إنجازات ملموسة تحققت للمحافظة خلال فترة إدارته في السنوات الأربع الماضية، يجب أن يكون محل دراسة واستقصاء من مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان الحالي، والمجلس المقبل، فهي ليست حلقة عابرة تُطْوَى صفحاتها مع مرور الزمن. قراره الرحيل لا يزال يلقي بظلاله على أحاديث أبناء محافظة الظاهرة، والمؤكد أن أبا وائل ترك تركة محمَّلة بالمنجزات، وإن كان الكلباني اعتذر لأبناء الظاهرة عن عدم رغبته في الترشح لمجلس إدارة غرفة الظاهرة للفترة المقبلة، وقرر الرحيل، فإنني أعتذر لقرائي الكرام بأن ما كتبته فيه لم يفِ حقه، وسيظل الجميع يسأل عن علي بن صالح الكلباني، لماذا قرر الرحيل؟!

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...،

Saif5900@gmail.com