أشجار غير نافعة وأموال مهدرة

 

سيف بن سالم المعمري

لا شكَّ أن الاهتمام بالمظهر الجمالي في مراكز المدن وعلى طول الطرقات الرئيسية والفرعية التي تربط مُحافظة بأخرى، يمثل أهمية بالغة في برامج المشاريع التي تنفذها وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وبلدياتها في المُحافظات، وهي ذات الجهود التي تقوم بها بلديات مسقط، وظفار، وصحار.

ويمثل التشجير وزراعة المسطحات الخضراء أحد أهم مفردات المظهر الجمالي في المدن والقرى إلا أن الكثير من تلك المشاريع بحاجة إلى دراسة متأنية لمعرفة جدوى زراعة نوعيات معينة من الأشجار، وكذلك اختيار مواقع مناسبة لها، وتحديد أهميتها من حيث مظهرها الجمالي، وكمية المياه التي تحتاجها وقدرتها على مُقاومة الظروف المناخية من ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، والبرودة شتاء، وكذلك مدى قدرتها على مجابهة الرياح والعواصف، والقيمة المضافة التي تقدمها للدولة ولأبناء المجتمع.

ومن المعلوم أن التباين المناخي بين المناطق الساحلية والداخلية والصحراوية يؤثر على أنواع الأشجار حيث تجد أشجارا تتناسب زراعتها مع المناخ الحار الرطب، والبعض الآخر مع الحار الجاف وهكذا، فالتباين المناخي في السلطنة من المفترض أن يُسهم في تهيئة الظروف لزراعة عدة أشجار تتناسب طبيعتها مع المناخ التي تزرع فيه إلا أن ذلك لا تجده على أرض الواقع في طرقاتنا وفي المسطحات الخضراء في مدننا وقرانا.

فتجد على سبيل المثال الإكثار من زراعة أشجار التمر الهندي على مُعظم طرقاتنا في مراكز الولايات وخاصة على طول طريق الباطنة، وفي طريق الداخلية - الظاهرة، وفي مواقع متفرقة من محافظات السلطنة، وهي أشجار ليس لها مظهر جمالي، وتستنزف مياهاً كثيرة، ولا يستفاد من ثمارها، بل حتى ليس لها ظلال يمكن أن يستفيد منها عابر الطريق.

كما تكثر على طرقاتنا زراعة أشجار الشريش أو ما يعرف بالدماس أو الكويتي، وهي أشجار ذات مضار بيئية كثيرة أهمها تسلل جذورها إلى أعماق طويلة وتتبعها للرطوبة وأنابيب المياه حيثما وجدت، والبعض منها تفرز روائح كريهة.

ويوجد بالسلطنة أكثر من 1200 نوع من النباتات وهي ذات منافع متعددة وتتكيف مع مناخات السلطنة الحارة الرطبة والجافة، ولعل من بين أهم الأنواع أشجار الليمون، والمانجو، والرمان، والسمر، والسدر، والغاف، وغيرها وهي أشجار لها فؤاد كبيرة، كأشجار للظلال، وكذلك قدرتها على تحمل العطش، وفي حال الرغبة في إزالتها يمكن أن يستفاد منها كغذاء للماشية أو الاحتطاب، ورغم ذلك لا نرى اهتماماً بزراعة تلك الأشجار على طرقاتنا، وتزيين مداخل ومخارج المدن بها.

ومما يؤسف حقاً ألا توجد خطة واضحة في أماكن التشجير على الطرقات العامة والشوارع الداخلية وفي مراكز المدن، فتجد أماكن تمَّ تشجيرها وكلفت الدولة مبالغ باهظة سنويا في عملية الري، وقد مضى على بعضها أكثر من عقد أو عقدين من الزمان، وفي حال التوسع في الطرق أو المنشآت العامة يتم إزالة تلك الأشجار بعد أن كلفت الدولة ملايين الريالات لريها والاعتناء بها لمدة زمنية طويلة، فلو كانت أماكن التشجير قد وضع لها حساب لما تم إزالة تلك الأشجار.

ورغم أن النخلة هي أكثر الأشجار منفعة، وتتحمل جميع الظروف المناخية في السلطنة، وهي رمز حضاري، ويمكن الاستفادة من جميع مكوناتها من ثمارها وسعفها وجذوعها إلا أنه لا نرى اهتماما لتتصدر مشاريع التشجير على الطرقات العامة ومراكز المدن.

وعليه فإنَّ على وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه وبلدياتها في المحافظات، وبلديات مسقط، وظفار، وصحار والجهات ذات العلاقة بالدولة أن تضع رؤية واضحة لآليات التشجير على الطرقات والأماكن العامة ومراكز المدن، على أن ترتكز الرؤية على التالي:

  1. أن تحظى النخلة بالأولوية القصوى في أعداد الأشجار المزروعة، وأن تنتقى جودتها؛ ليستفاد من ثمارها.
  2. أن يتم زراعة الأشجار التي تتناغم مع التربة والمناخ في السلطنة، كالليمون، والمانجو، والرمان، والسمر والسدر والغاف وغيرها.
  3. أن يتم زراعة الأشجار في أماكن مُخصصة لها بحيث لا تتأثر مستقبلاً بالإزالة عند التوسع في المشاريع العامة والطرق.
  4. أن يتم الاستفادة من مياه الصرف الصحي في عملية الري، وأن يتم عن طريق الأنابيب الثابتة وليست بالصهاريج التي تكلف الحكومة طرح مناقصات للري بملايين الريالات.

 

إنَّ التشجير على الطرقات والشوارع العامة ومداخل ومخارج المدن، يضفي بعد جمالياً ويبعث في النفس السرور والطمأنينة، وعلى الجهات ذات العلاقة أن توازن بين الحاجة المُلحة للتشجير وعدم إهدار الأموال في الزراعة والري، دون وجود قيمة مضافة مادية ومعنوية لمشاريع التشجير، فالأموال التي تنفقها الحكومة للتشجير هي أموال يجب العناية بها، وعدم التمادي في زراعة أشجار غير نافعة، لضياع الأموال فقط.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

Saif5900@gmail.com