رحيل الشيخ العلامة الفقيه الأديب سعيد الخروصي

 

 

 

مسقط – الرؤية

انتقل إلى رحمة الله أمس الأحد الشيخ سعيد بن خلف الخروصي وهو الشيخ العلاَّمة الفقيه الأديب سعيد بن خلف بن محمد بن نصير بن خلفان بن محمد بن خلف بن محمد بن مبارك الخروصي الذي ولد في الثامن من صفر عام 1344هـ 1925م بولاية نخل، ونشأ في مسقط.

ختم فضيلته القرآن الكريم وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ثم درس النحو على يد الشيخ حمود بن زاهر الكندي، ثم توجه إلى نزوى، والتي كانت تعج آنذاك بالعلماء والمتعلمين، برئاسة الإمام الرضيِّ محمد بن عبدالله الخليلي، ليحضر دروسه ويغترف من علمه الزاخر، فكانت رحلته الأولى عام 1361هـ بصحبة زميله الشيخ سعيد بن محمد الكندي، واستفاد فيها من الشيخ سالم بن سيف البوسعيدي، ثم عاد إلى نخل مواصلاً دراسته، ومُكبًّا على طلب العلم، إلاَّ أنَّ الحنين إلى نزوى ظلَّ مصاحباً له، فعاد إليها سنة 1363هـ بصحبة أخيه سليمان بن خلف، فلازم الشيخ سعود بن سليمان الكندي، والشيخ سليمان ابن سالم الكندي.

وعندما تولَّى العلاَّمة المؤرِّخ الشيخ سالم بن حمود السيابي ولاية وقضاء نخل في الفترة من 1363هـ إلى 1369هـ، لازمه بشكل خاص، وأخذ عنه علم الفرائض. وعندما تولَّى شيخنا الجليل القضاء بسمائل عام 1381هـ، انقطع إلى العلاَّمة المجتهد الشيخ خلفان بن جميِّل السيابي، فظلَّ ملازماً له، ونهل من علمه الغزير، وكان يراجعه في الكثير من المسائل والقضايا والدعاوى، مستنيراً بآرائه وأفكاره.
وبعدما وضع الشيخ خلفان كتابه (القطرة الغيثية والوسيلة الإلهية)، والذي نظم فيه أسماء الله الحسنى، وأودع فيه ابتهالاته وتضرعاته، توقَّف عن نظم الشعر، فكان إذا جاءه سؤال نظمي أحاله إلى الشيخ سعيد بن خلف، والذي صار من أبرز تلامذته.

أثمر الجِدُّ والتحصيل والجهود المضنية التي بذلها شيخنا الجليل لطلب العلم مع ما يمتلكه من ذهن وقَّاد وهِمَّة عالية، فاشتهر بعلمه وتقواه وورعه، ممَّا حدا بالسيد أحمد بن إبراهيم البوسعيدي أن يجعله قاضياً على سمائل عام 1381هـ/ 1961م في وقت كانت سمائل تغصُّ فيه بنخبة من العلماء الأجلاَّء، كالشيخ المجتهد خلفان بن جميِّل السيابي، والشيخ حمد بن عبيد السليمي، والشيخ سالم بن حمود السيابي، وغيرهم من رجال العلم والقضاء، وهذا يدل على المكانة المرموقة التي نالها، وظلَّ قاضياً على مدى سبعة عشر عاماً، وتمَّ إقراره عليها في عهد صاحب الجلالة السلطان قابوس ابن سعيد إلى عام 1396هـ/ 1976م، حيث تمَّ نقله إلى ولاية الرستاق، واستمرَّ فيها 3 سنوات، ثم نُقل إلى ولاية البريمي سنة 1400هـ/ 1980م. وفي عام 1402هـ/ 1982م انتقل إلى مسقط ليكون قاضياً في محكمة الاستئناف مع نخبة من العلماء، كالشيخ محمد بن شامس البطاشي، وزميله الشيخ حمد بن عبدالله البوسعيدي، وزميله الشيخ هاشم بن عيسى الطائي.
وفي عام 1407هـ/ 1987م تم تعيينه مساعداً للمفتي العام للسلطنة، وقد صدر مرسوم سلطاني بترقيته إلى درجة وكيل في نفس المنصب، يجيب عن أسئلة المستفتين، ويُبصِّرهم بأمور دينهم، ويرشدهم إلى ما فيه الخير، وقبل عدة أشهر تقدم فضيلة الشيخ برسالة إلى صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه طالباً التقاعد وإعفاءه من الوظيفة نظراً لكبر سنه، فصدرت الأوامر السامية بإحالته إلى التقاعد بدرجة وزير.

لم تصرف كثرة المشاغل وتولَّي القضاء والإفتاء شيخنا الجليل عن التدريس والتأليف، وقد راعى في مؤلفاته جانب الحاجة وتوجه الطلبة، كما يتميز أسلوبه بالاختصار غير المخلّ، والوضوح في العبارة، والسهولة في اللفظ سواء كان نظماً أو نثرا.
أمَّا مؤلفاته فهي: كتاب: (قواعد الشرع في نظم كتاب الوضع)، نظم فيه كتاب (الوضع) للشيخ أبي زكريا الجناوني، وكتاب: (دليل السالك)، وهو شرح على قصيدته في الحج المسماة: (إحكام المسالك في أحكام المناسك)، وقصيدة بعنوان: (إحكام الصنعة في أحكام الشفعة)، وقد وضع عليها شرحاً مختصرا، وقصيدة بعنوان: (معالم التبيين في الإقرار والبيان واليمين)، وقد وضع عليها شرحاً مختصرا، إلى جانب كتاب: (الدرُّ المنتخب في الفقه والأدب)، في جزئين، جمع فيه أسئلته وأجوبته النظمية، كما ضمنه قصائده في رحلاته وأسفاره وغيرها، وكتاب: (إتحاف الأنام بشرح جوهر النظام)، وهو شرح مختصر على بعض أبواب كتاب (جوهر النظام) للشيخ نور الدين السالمي، وهو في عدة أجزاء.

 

تعليق عبر الفيس بوك