المرأة في الأمثال العمانية

صفا بنت سعيد الربخية

الأمثال جزء من الموروثات الشعبية للشعوب القديمة وتحتل مكانة عالية في ثقافتها الخاصة التي تتيح للثقافات الأخرى التعرف أكثر على أفكارها ومعتقداتها. وعُمان إحدى هذه الثقافات التي تميزت بالأمثال العُمانية الشعبية التي من خلالها تستطيع أن توصل لشعوب ثقافتها وفنها الخاص في المخاطبة.

البعض سيستغرب من كون كاتبة بعمر 19 تطرح مقالاً بهذا العنوان في الألفية الثالثة. ولكن السر في ذلك أنّ هذه الأمثال الشعبية تشدني وتسخر جميع حواسي لروحانية هذه الأمثال التى استمعت لها رغم عدم فهم مغزاها في بعض الأحيان لقدم مصطلحاتها.

للأمثال عمر لا يقل عن مئات السنين سطرها عظماؤنا وأصبحت تردد من جيل إلى آخر حتى وصلت إلينا. رغم إندثار الكثير منها لعدم توثيقها وقلة سماعها وذلك لعدم الحاجة لاستخدامها في هذه الألفية ربما لصعوبة ألفاظها يصعب على شباب اليوم معرفة المقصود بها وأيضاً لقلة حفاظها فقليل ما أسمع هذه الأمثال من والدي وصاحباتي ومن أصادف في حياتي اليومية وإن سمعت القليل من الأمثال منهم فإنّ بعض ألفاظها تكون عصرية -أي أنّهم يعطرون القديم بالجديد- فلا يستخدمون مصطلحاتها الأصلية صحيح أنّهم يرددونها أقل من كبار السن ولكنها مازالت تردد في الكثير من مناطق السلطنة. وغالباً ما أسمع الأصلي منها من جدتي والأمهات المتقدمات في السن في المواقف الصارمة والشاذة فسرعان ما أسجل تلك الأمثال التي أسمعها واحتفظ بها رغم عدم فهم بعضها وكانت تشدني أكثر الأمثال الخاصة والمتعلقة بالأنثى في جميع مراحل حياتها. وعندما أصبحت لدي مجموعة من الأمثال تحركت أحرفي نحو الاستفادة من هذه المجموعة التي أمتلكها لأفيد واستفيد من هذه الأمثال الخاصة بالأنثى العُمانية لأن الأنثى هي أنثى في جميع الأزمان.

فهناك السلبي منها والإيجابي ولكنها تميل أكثر لسلبي رغم تطور حال المرأة وتقدمها خطوات جبارة في جميع مجالات الحياة نحو الأفضل فلم يكن حال المرأة قبل عشرين أو ثلاثين عاماً من الآن نفس حالها اليوم إلا أنّ الأمثال العمانية المتعلقة بالأنثى ما زالت ثابتة وراسخة ومتحفظ بها منذ القدم.

وفي هذا المقال سأذكر بعض الأمثلة التي تلفظ بها العُمانيون عن الأنثى العُمانية علماً بأني لم أتبن هذه الأمثال إنما أتحفظ عليها وأنقلها لكم بعد سماعها وتأكدي من صحة مصطلحاتها. فالأمثال قد تختلف في نطقها من محافظة لأخرى ومن منطقة لأخري وذلك حسب جغرافية النطق عندهم فحديث الشمال يختلف عن الجنوب وحديث السواحل قد يختلف عن الضواحي ولكن باختلاف طفيف جداً إلا أن المفهوم العام للأمثال يكون مفهوماً من الجميع. وهذه بعض الأمثال التي أنتقيتها من المجموعة التي دونتها "من بيت الشاه لبيت الجاعدة" وهذا إن دل على شيء دل على كثرة الزيارات التي تقوم بها المرأة دون غاية هامة وفائدة إلا أنها كثير ما تتردد من بيت إلى آخر. "تبغى تزعل ما متفيقه من شغلان بيتها" أي أنّ أعمال بيتها لا تسمح لها حتى في إظهار زعلها لكثرة الشغل الذي يستغرق كل وقتها. ويضرب هذا المثل لمن تمنعها انشغالاتها عن الاهتمام بأي عمل آخر قد تكون هي في حاجة إليه أو يعود لها بالمصلحة. و"الكف اللي صفعني نفعني" قد يستغرب القارئ من هذه الأمثال إن لم يكن قد سمعها من قبل مثلما استغربتها أنا عند سماعي لها لأول مرة ولكن لو كنا نعيش قبل خمسين سنة من الآن لما استغرب هذه الأمثال لأنها كانت جزءًا من يومهم فلا يخلو حديث من أحد الأمثال فتخيل أنك في كل حديث تسمع مثل فأقل ما يكون قد تسمع عشرة أمثال يوميا فهذا بدوره يرسخ هذه الأمثال ويزيد من شعبيتها. وأيضًا هناك الغريب منها "توكل مال الزوج وتحن للمطلق" ويضرب هذا المثل للمرأة الناكرة للجميل، مثل الزوجة التي تأكل من مال زوجها لكنها لا تحمده ولا تشكر له هذا بل تحن إلى زوجها السابق الذي طلقها. وهناك بعض الدروس التي اختصرها العمانيون في بعض الأمثال الشعبية وعلى سبيل المثال "خبز خبزتيه كليه وحدك" أي العمل الذي تقومين به دون مساعدة أحد سيعود شره كان أم خيره لك وحدك فلا ترتجي المساعدة من أحد. وأيضًا قالوا في المرأة "لا المعطارية طلاها ولا السنقة حلاها ولا العاجزة حطبها وماه" أي لا ترتجي من هذه الأصناف من النساء شيئًا.

وصحيح أن هناك من الأمثال التي لن استطيع ولن أسمح لنفسي بذكرها لقسوتها والتي تقلل من شأن المرأة. ولكن أكرر أن هذه الأمثال قيلت قبل عقود طويلة وكان حال المرأة حين ذاك ضعيفة ويدعون أن الأنثى أقل بكثير من الرجل ولكن ما نشاهده اليوم في واقع المرأة قد تغير فهي اليوم تماشي الرجل في خطواته نحو جميع المجالات.

وأختم هذا المقال بمثل طالما أحببته وإن دل على شي فإنّه يدل على شجاعة المرأة وعلى تيقنها وثبات قولها "بليس ما يكسر وعيانه" .