شكراً.. شرطة عُمان السلطانية

حميد بن مسلم السعيدي

قام الإنسان ببناء مجموعة من الأنظمة في سبيل تحقيق حياة أفضل، وقد صممها بحيث تكون قابلة للتطوير والتحديث وفقا لما يشهده العالم من تطور في مختلف المجالات، ومن أجل تحقيق التكامل في منظومتها فقد وضع لها المشرع مجموعة من القوانين التي تحقق الانضباط، وتعتبر أنظمة النقل البري من أكثر الأنظمة التي يتفاعل معها الإنسان بصورة شبه يومية في حياته؛ لأنها تساعده على تحقيق أهدافه ومشاريعه فهي تسهم في حركة انتقال السكان والسلع والبضائع والخدمات من مكان لآخر.

وتتولى الجهات الأمنيّة ممثلة في شرطة المرور الإشراف على تطبيق النظام أثناء استخدام المواطن للتنقل على الطرقات البرية، ويعود ذلك نظراً لخطورة النتائج المترتبة على مخالفة الأنظمة والقوانين المنظمة لقيادة وسائل النقل والمركبات على الطرقات والشوارع العامة، ويجد الكثير من المخالفين امتعاضًا من تطبيق هذه القوانين نظراً لما يترتب عليها من دفع غرامات مالية، تدخل ضمن الجوانب العقابية على المخالفين لهذه القوانين، دون إدراك أنّ هذه القوانين التي تمت صياغتها وضعت من أجل حماية السائق والآخرين من مرتادي الطرقات من خطورة مخالفة أنظمة السير.

وتبذل شرطة عُمان السلطانية جهودا كبيرة في سبيل ضبط النظام على الطرقات البرية من خلال القيام بواجبها الوطني في الحفاظ على حياة المواطن وحمايته من أخطاء الآخرين، ويقوم جميع أفرادها وتشكيلتها المتنوعة بدوريات ونقاط تفتيش لرصد المخالفين ومتابعتهم ومخالفتهم، أو تحويل المخالفين للمخالفات الجسمية للجهات القضائية من أجل تحقيق العدالة وتطبيق القوانين.

لذا نقول شكراً لشرطة عُمان السلطانية لأنّ هناك عملا جادا بذل خلال الفترة الماضية ألتمس المواطن البسيط نتائجه، شكراً.. فقد تلاشت العديد من الظواهر التي كانت تزعج الجميع، فلم تُعد شوارعنا ساحات للسباقات والسرعات العالية، أو التجاوزات الخطيرة يمنة ويسرة، وأصبح القانون سيد الطرقات، شكراً.. حيث اختفت تلك السيارات التي تمشي بدون لوحات رقميّة تعكر صفو الحارات الهادئة، شكراً.. فقد انخفضت ظاهرة التفحيط بنسبة كبيرة وشعر الجميع براحة البال والسكينة في بيته وبين أهله، شكراً.. لأنّ هناك ضبطا لتجاوز الشاحنات وتسببها في الحوادث الخطيرة. شكراً.. لأن الشرطة تتعامل مع كل الاتصال والشكاوى بسرعة وفاعلية، شكراً.. لأنّ نسبة الوفيّات والحوادث الخطيرة انخفضت، وربما يشترك في ذلك تطوير نظام الطرقات بالسلطنة خلال الفترة الماضية وإقامة الشوارع السريعة التي ساهمت في التقليل من الازدحام، إلى جانب إغلاق التقاطعات الخطيرة في الشوارع المفتوحة، شكراً.. لأنّها تطبق أنظمة الحكومة الإلكترونية بصورة متطورة بكفاءة عالية مكنت المواطن من إنجاز معاملاته بسرعة دون انتظار، شكراً.. فلم يُعد المواطن يذهب للمدن الإدارية لينجز معاملاته فقد أصبحت المراكز وخدمات الشرطة متواجدة في كل ولاية، هذه الجهود أتت نتيجة للعمل والمتابعة والمراقبة لكل من تسوّل له نفسه مخالفة النظام، ونتيجة أيضًا للعمل المثمر الذي عمل على تطوير أنظمة الشرطة خلال الفترة الماضية.

لذا فكلمة شكرًا لا توفي حق هؤلاء الرجال الذين يقفون في ساحات الطرقات طوال ساعات النهار وفي أوقات الذروة في الحركة المروريّة في الظهيرة، ينظمون السير ويتابعون تطبيق النظام حماية لجميع مرتادي هذه الطرقات، ولا يقف الأمر عند هذا المستوى فهناك نقاط التفتيش والتي تركز على السيّارات التي تخالف تطبيق الاشتراطات الأمن والسلامة المرورية، أو السائقين غير المنضبطين بالأنظمة والقانونين، كل هذه الجهود قد لا تعجب البعض لأنّهم تعودوا على الفوضى وأن يكون كل شيء وفقا لقانونه الخاص، ولكن تبقى أنّ هذه الجهود هناك من يرى ثمرة نتائجها لاحقا من خلال ما يشاهده من انضباط بالطرقات العامة، فاحترامنا وتقديرنا لهم هو وسام شرف يستحقونه بجدارة.

ولكن مع التغيرات التي نشاهدها خاصة في الطرقات الداخلية بالحارات والقرى الصغيرة، فإنّ بعض القوانين والأنظمة بحاجة للتطوير لأنّ ظروفها تختلف عن الشوارع السريعة أو المفتوحة، حيث ما زال الكثير يسوق بسرعات هائلة وبطريقة متهورة في هذه المناطق التي غالبا ما تكون ممرًا للأطفال وكبار السن نظرًا لقرب الطرق من المناطق السكنية، وأحيانًا تجد انحرافًا للمركبة خارج الطريق نتيجة للاستخدام الخاطئ لأجهزة الهواتف الذكيّة فيتسبب ذلك - لا قدر الله - في دهس أحدهم يمشي بجوار الطريق، لذا فإنّه لابد من تطوير القوانين بحيث تختلف عن القوانين التي تطبق على الطرقات السريعة، وزيادة نقاط المراقبة بهذه الطرقات لحماية المواطنين من هؤلاء المتهورين بالرغم من قيام الكثير من المواطنين بإقامة كواسر السرعة بجوار منازلهم خوفا على أبنائهم إلا أنّ البعض ما زال مستمرًا في نهجه وعدم مراعاة السرعة في هذه المناطق الداخليّة.

فمثل ما نقدم كلمة الشكر لشرطة عُمان السلطانية فإنّ هناك من المواطنين أيضًا من يحتاج أن يقال له شكراً؛ وربما لو كانت وفقا لبرنامج معين لتركت فائدة عظمية لدى الفرد لذا لا يمنع اليوم أن تتبنى إدارة الشرطة برنامج "مكافأة" خاصة لمكافأة السائقين الذي لا تسجل عليهم مخالفات في الطرقات، فمثل ما نخالف الآخرين على عدم الالتزام بالنظام فإنّ هناك الآخر الذي بحاجة إلى التكريم على انضباطه، فمن يكمل عامًا دون أن تسجل معه أي مخالفة سير على الطرقات يحصل على مكافأة تتمثل في إعفائه من رسوم تسجيل المركبة أو حصوله على هدية رمزية تشجع الآخرين على الحصول عليها، وأنا على يقين أنّ هذا البرنامج سيشجع الكثيرين على الانضباط رغبة في الحصول على المكافأة، إلى جانب توزيع هدايا رمزية في نقاط التفتيش التي تقام في الطرقات الداخلية لمراقبة المخالفين للأنظمة، فمن يقوم بتقديم المخالفات في ذات الوقت يقدم أيضًا المكافاة للملتزمين وفقًا لمعايير معنية يتم صياغتها لاختيار عينات من السائقين، ومثل هذه المشاريع تسعى بعض الدول لتطبيقها نظراً للجوانب الإيجابية التي تحققها.

وفي ظل ما نتعايشه من عالم كبير يجعلنا ندرك جيداً أنّ لحياة المواطن قيمة كبيرة لوطنه، فكل شيء يمكن تعويضه فخسارة مشروع اقتصادي لا تساوي خسارة حياة مواطن لا تعوض؛ لأنّه يمثل ثروة وطنية يستند عليه الوطن في بناء مستقبله، لذا فإنّ الحفاظ على النظام في الطرقات لا تقع على الشرطة وحدها؛ وإنّما على الجميع أن يتعاون في تقديم الدعم لهم والمساهمة في الانضباط والالتزام بالقوانين والأنظمة حماية لنفسه وللآخرين، فعُمان بحاجة إلى كل واحد فينا.

حفظ الله عُمان الغالية وقائدها المفدى وشعبها الوفي.

Hm.alsaidi2@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة