الحب في زمن الأزمات

مدرين المكتومية

يقول الشعراء إنّ الحب أكسير الحياة، وتقول التقارير الاقتصادية إنّ النفط هو الأكسير والماء والهواء، وبين الغرق في بحور العواطف والانغماس في آبار النفط يسير عالمنا بتواز لا يرحم، نكاد نعاني فيه من انفصام في الشخصيّة، فنتحدث حتى ارتفاع الضغط حول النفط، ونهمس بأشعار العشق حتى الثمالة.يتأرجح الشباب بين رغباتهم في الحصول على وظيفة ودخل جيد وبيت وأثاث وسيارة، ورغبتهم في أن يشاركهم في كل هذا شريك عمر يعين على الطريق، ويشارك الفرح والترح.

ويأتي النفط وأسعاره لتؤرجح الجميع شيبًا وشبابًا، كمصاص دماء قد حل فنرى الفزع في الأحاديث يغلب على الأمل في اجتياز الأزمة، ورد الفعل هذا هو ما يفزع حقًا وليس وقوع أزمة طارئة بسبب انخفاض أسعار النفط، وسبب الفزع أنّ الشباب يفترض بهم التحلى بالأمل والتفاؤل بأنّ القادم أفضل، وهم من يرددون دائمًا "أمورك طيبة" أين ذهب الأمل والتفاؤل والأمور الطيّبة من أحاديث الشباب؟ أين ذهب الحلم الجميل ولماذا يغلب الحديث المتشائم على نظرتهم لمستقبلهم المادي؟هل انتقلت عدوى التخبط بسبب التصريحات الغامضة للمسؤولين؟ أم أصاب الإحباط قلوبا ما ينبغي لها اليأس أبدا؟ فاليأس إن دبّ في القلوب الشابة أحالها حطبًا، وحوّل أصحابها إلى شخصيّات ناقمة أنانيّة لا ترى في شيء خيرًا ولا تود المشاركة أو التشارك، فبدون الحب لا يُبنى المستقبل، وبدون الأمل لا يأتي الحب، صحيح أنّ مفهوم الحب لدى الكثيرين يعني حياة بلا مال، وأنّ المال لا يجلب السعادة، وأننا يجب أن نتخلى قليلا عن تطلعاتنا وطموحاتنا المادية لأجل السعادة المرتبطة بالحب، أنا مع كل هذا الكلام الجميل ولكننا نعيش أساسًا في زمن الحب الذي يرتبط ارتباطا كبيرا بالمادة فقد أصبح وسيلة للتعبير عنه، وبالتالي لا يمكن أن نتناسى أهميتها في الوقت الحالي.

هناك الكثير من المقارنات التي يعيشها الكثيرون بين زوجات الإخوة وبين الأبناء والأصدقاء والأحبة وجميعها تأتي تحت مفهوم الحاجة والنقصان وتوفير الأمور المادية، فأكثر عبارات شائعة هي: " فلان يحب فلانة فقدم لها عقدًا من الألماس، وأهداها سيارة آخر موديل، وسافر بها إلى جزر المالديف، وأنا لا أسمع منك إلا الكلام الجميل المعسول الذي لا يسمن ولا يغني من جوع".

والأن وبعد أن أصبحت كل صحفنا ووسائل التواصل الاجتماعيّة والإعلام المرئي والمسموع تضج بأخبار هبوط النفط والتأثيرات المترتبة وما الذي سيترتب عليه اتجاه المواطن، وما الثمن الذي سيضطر المجتمع لدفعه وتقبله خلال الفترات القادمة، وما هي الحلول المرتقبة إن كانت هناك حلول فعلا يمكنها أن تلعب دور العصا السحرية في تغير الواقع الذي نعيشه بواقع أجمل وأفضل وأكثر رحابة، فهناك جيل يحتاج لأن يواكب الأجيال الأخرى في دول العالم، وبالتالي هو بحاجة لأن يجد الأدوات والوسائل التي تجعله يعيش مرحلته بتفاصيلها دون أي أزمة قد تواجهه، فنحن ننشد التقدم ونبحث عنه؛ لذا علينا ألا نرضى بالتراجع مهما كان الثمن، فالحب يعني أن نضحي ونصنع ونبني لمن سيأتي بعدنا ليعيش حياة سليمة بمختلف جوانبها الحياتية.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك