ماذا بعد احتفالاتنا بالعيد الوطني ؟

سيف المعمري

عمَّت سلطنتنا الغالية على مدى الأيام السبع الماضية الاحتفالات بمناسبة العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد؛ حيث عبَّر أبناء جميع المحافظات عن فرحتهم بهذه المناسبة بمشاركة طلاب وطالبات المدارس في اللوحات الفنية التي جسدت مسيرة النهضة المباركة فيما كانت الفنون الشعبية حاضرة لترسم لوحة بانورامية امتزج فيها جمال الكلمات بالتقنيات الفنية في مجال الإضاءة والصوتيات والمشاهد الدرامية عبر الشاشة الإلكترونية العملاقة.

وتوشحت المباني الحكومية والخاصة ومساكن المواطنين والمُقيمين بصور حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - وبالأضواء الجميلة وأعلام السلطنة، وعبر المواطنون والمقيمون عن فرحتهم بتزيين سياراتهم بصور جلالته وأعلام السلطنة، بالإضافة إلى المشاركات بالقصائد الوطنية والكلمات المُعبرة عن المناسبة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة ووسائل الإعلام الاجتماعي وأطلق بعض الشباب على حساباتهم الشخصية في تلك الوسائل وسما (هاشتاق) حول مناسبة العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد.

جاءت تلك المظاهر الاحتفالية تعبيرًا صادقاً عن المحبة والولاء والعرفان لقائد مسيرتنا الظافرة الذي وهب عمره لخدمة عُمان ورفع شأنها بين الأمم والحضارات، وأصبحت عُمان ولله الحمد وبفضل حكمة جلالته ورؤيته السديدة قبلة للسلم والسلام والمحبة والوئام.

وإن كانت المظاهر الاحتفالية أخذت مساحتها الزمنية الكافية إلا أن أفراحنا بنهضتنا وقيادتنا وولاءنا ومحبتنا لجلالته يجب أن نجسدها في تفانينا وإخلاصنا في أعمالنا كل في مجاله وفي وظيفته وحرفته وأدواره المجتمعية.

نعم .. فالاحتفال بالمنجزات والمكتسبات يتطلب مضاعفة الجهد للمحافظة عليها أولاً وتسخير الطاقات لمزيد من الإنجازات التي يسعد بها الفرد والمجتمع ثانياً، وإن كنّا لا نزايد أحد على وطنيته وحبه لبلده وسلطانه؛ ولكن لدينا في المجتمع بعض المظاهر والسلوكيات التي تناقض ما ندعيه من محبة وانتماء لوطننا ولعلي في هذا المقال سأتطرق إلى بعض منها، ففي مجال العمل تجد من يستغل موقعه الوظيفي لتحقيق مصالحه الشخصية سواء أكان رئيسًا أو مرؤوساً من خلال مظاهر عدة قد لا يتسع المجال لذكرها وهي معروفة لدى الكثيرين من أبناء المجتمع علاوة على عدم احترامه لوقت العمل واستثماره بما يعود على المؤسسة والمواطنين بالنفع والفائدة المشتركة وعدم الجدية في تحقيق تطلعات المؤسسة وأهدافها وتسويف معاملات المراجعين والتهاون في إنجازها، وإعطاء الأولية في إنهاء المعاملات لأقاربه وأصدقائه ونحو ذلك الكثير.

وفي مجال تربية الأبناء هناك مسؤولية وطنية تتطلب تكاتف الأسرة مع مؤسسات الدولة من أجل التنشئة الصالحة للأبناء وغرس القيم الحميدة الفاضلة وترسيخ ثقافة الانتماء للوطن والحفاظ على مكتسباته، وما نراه اليوم من إهمال الكثير من الأسر لأبنائها وعدم متابعتهم في دراستهم وفي علاقاتهم وأماكن جلوسهم وماذا يأكلون؟ وماذا يشربون خارج المنزل؟ ومع من يمشون؟ كلها أسئلة يجب على الأسرة أن تعيها وتدرك حجم خطورة التهاون في تربية الأبناء وتأثيره على الأسرة وعلى المجتمع.

وفي مجال الحفاظ على المرافق العامة هناك مشاهد مؤلمة حينما تطال بعض المرافق الخدمية والترفيهية أيادي التخريب والتشويه، وقد كلفت الدول تكاليف مالية ليست بالقليلة وقد سخرت من أجل المجتمع وتحسين مرافقه الخدمية والترفيهية.

وفي مجال القيم والعادات الحميدة فالمجتمع العُماني ولله الحمد عرف عنه الذوق الرفيع والخلق الحميد ويتمثل بمآثره كل من وطأت قدماه أرض السلطنة، ويكفي العُمانيين فخراً تزكية النبي الكريم عليه الصلاة والسلام لأهل عُمان في حديثه قائلاً : " لو أنّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك" أو كما قال عليه الصلاة والسلام وبالتالي هناك مشاهد مزعجة حينما يستغل بعض شبابنا فتوتهم وشبابهم في إزعاج الساكنين والمارة بأصوات المذياع أو جهاز تسجيل بالموسيقى والأغاني الصاخبة أو بالتفحيط أو التسابق في الحارات أو نحو ذلك كلها أخلاق تنافي قيم المجتمع العُماني وما عرف عنه وتنقل رسائل سلبية وقد تترك سمعة غير طيبة تنقل إلى خارج حدود الوطن، والبعض الآخر ينقل صورة غير حقيقية عن السلطنة من خلال تفاعله بمواقع التواصل الاجتماعي بالصور والمشاهد والمقاطع السمعية والبصرية والتي تنافي الأخلاق والآداب الاجتماعية العمانية.

كما أنّ البعض يستغل ضيوف وزوار السلطنة من السياح فيرشدهم إلى مواقع سياحية ويُقدم لهم خدمة بمبالغ مالية قد تكون من غير المعتاد في محاولة لاستغلالهم لعدم معرفتهم بطبيعة البلاد والأنظمة المتبعة فيها.

تلك بعض من المشاهد والمظاهر التي لا نحبذ وجودها في مجتمعنا ولا تنم عن محبة وإخلاص لوطن أعطى أبناءه الكثير ومنحهم مكانة مرموقة بين الأمم، لذا علينا جميعاً أن نحتفل ونفرح بقدر محبتنا وولائنا لقائدنا ولسلطنتنا وأن نكون خير سفراء لبلادنا سواء كان ذلك داخل الوطن أو خارجه، ولنستشعر دائماً أنّ عُمان نحن، ونحن عُمان.

 Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك