كل شيء يعيش الفرح

مدرين المكتومية

كعادتي أمر بنفس الطريق والممرات والأزقة التي اعتدتها، كل شيء كما هو باهت ولا يثير النظر أو يغري، ولكن الوضع اختلف اليوم.. فكل شيء يحتفل.. كل شيء يعيش شعور السلام والسعادة.. المنازل تزينت، والشوارع الباهتة أصبحت أكثر إشراقا، والممرات تكاد تضيق أكثر لتنفجر فرحًا.. كل شيء أصبح مختلفا، أصبحت ملامح الفرح تنتشر كقوس قزح بعد هطول المطر على مدينة جافة، هكذا هو الحال، يأتي 18 نوفمبر، ليعيد لنا الذكرى وينشر لنا الفرح، ليفتح لنا نوافذ الأمل بعد اليأس، ها نحن نعيش فرحة 45 عامًا من بناء عمان، بناء الوطن، بناء الإنسان العماني، نعيش التغيير الشامل لعمان، فبعد أن كانت جرداء خالية من كل شيء أصبحت تنافس نظيراتها من الدول المتقدمة.

أليس الحق يقال، ألا نرى الاختلاف، والنقلة النوعيّة التي نعيشها، 45 عامًا ليست كثيرة لنكون بهذا المستوى الذي نحن عليه الآن، وإنّما يعني هذا أننا قطعنا أشواطًا كبيرة في زمن قياسي، وهذا لم يكن سهلا أبدا على بلد مثل عمان، ذات التضاريس الصعبة، والمترامية الأطراف.. فمسألة البناء ليست سهلة كما يعتقد الجيل الحالي الذي لم يدرك المعاناة التي عاشها الأجداد، وخرج على الدنيا وكل احتياجاته متوفرة.. لم ير عمان بشوارعها الوعرة، وبناياتها البسيطة، وقلة الخدمات، لم ير الصور القديمة تسرد حكاوي الماضي والظلام الذي عاشته عمان قبل النهضة، كل هذا ليس مهمًا لو كان الصمت موجودا. المشكلة الحقيقية تكمن في التذمر الذي يعيشه الشباب والمطالب التي لا تتوقف، من حق كل أحد أن يطلب ويتمنى ولكن في حدود المعقول، وبعيدًا عن الجحود ونكران الجميل، السعادة الحقيقية التي قد نلمحها فعلا في عين مسن يرى ما تحقق على أرض كانت في مرحلة من المراحل يصعب العيش عليها، وسافر أغلب سكانها لكسب العيش خارج حدودها، وبعد بزوغ فجر النهضة عاد الأمل وعادت الطيور المهاجرة لعشها لتنعم في كنف وطنها بسعادة الحياة وتغير الحال والأحوال.

تلك النهضة التي نعيشها، سجل فرحتها شعب عاش الاختلاف الجذري الذي قد لا نعلمه نحن، ولكننا نسجل فرحته بمجرد ما نجد أعلام السلطنة في كل مكان، فرحة نوفمبرية تسجلها جميع القطاعات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، الكل يعكس سعادته بمظاهر مختلفة، نستيقظ صباحا على الأغاني الوطنية التي تجعل صباحاتنا مختلفة فالإذاعة تحتفل بصوت صلاح الزدجالي وهو يغني مرددا "عاش حبيب الشعب للشعب بربه محروس جميعنا ندعوك يا ربي احفظ لنا قابوس.. يا فرحة عمت أراضينا ونور العيد ليالينا عماننا بالورد والزينة كأنها عـروس".

ولاننا نعيش سعادة نوفمبر علينا أن نقدمها هدية لمن صنع لنا مكانة مرموقة بين الدول ووضعنا في المقدمة، وجعلنا حديث العالم نظرا لسياسة جلالته الحكيمة؛ ولأن نوفمبر هو قالب الموازين بقيادته فهنيئا لنا أن نكون تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه، وأن نستظل بظلاله، ونمضي تحت نهجه مرددين عاش حبيب الشعب للشعب..

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك