الوازع الوطني وانتخابات الشورى

علي بن كفيتان بيت سعيد

لسنا بحاجه هنا لنسرد للقارئ تجربة الشورى في السلطنة وتدرجها المرحلي بما يوائم الخصوصية العمانية لهذه التجربة، ولكن لتبيان موضوع مهم ألا وهو الوازع الوطني لانتخابات مجلس الشورى في سلطنتنا العظيمة بعظم وسمو أفكار قائدها الملهم وشعبها العظيم.

الوطنية بمعناها الأشمل هي الانتماء للأرض، أو ما يعرف بالوطن، وهذا الانتماء لا يمكن استجلابه أو زراعته في نفوس الناس، ولكنه ينمو مع الإنسان ويترعرع معه من المولد حتى الممات، وفي سلطنة عمان يتفق الكثير من المثقفين وعلماء الاجتماع على أن روح الانتماء في عمان أزلية ولا أدل على ذلك سوى شموخ هذا الإنسان في بادية عمان الجميلة وجبالها الشاهقة وساحلها الساحر بزرقته وخيراته رغم المغريات في المدن الرئيسية بما تزخر به من مقومات حضرية وتنمية وفرص اقتصادية واعدة.

ولا شك أنَّ توجيه مولاناجلالة السلطان -حفظهالله- لإيصال كل سبل التنمية والرخاء لكل قرية في عمان هو ما رسَّخ ووطَّد روح الانتماء لكل مقيم على أرض هذا الوطن الغالي رغم الكلفة العالية للتنمية، فلم يبخل جلالته بالتوجيه المستمر لحكومته الرشيدة بأنه يجب أن نذهب نحن للناس في حللهم وقراهم مهما كانت صغيرة ونائية، ونوفِّر لهم كل سبل العيش الكريم، وهذا ما عزز الشعور بوجود العدالة الاجتماعية التي تعتبر أحد أهم صمامات الانتماء والوطني.

انتخابات مجلس الشورى في السلطنة يغلب عليها الوازع الوطني والشعور بالمسؤولية تجاه عمان وتجاه القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان مهما كانت الوسائل التي يستخدمها المرشح للوصل لقبة المجلس؛ سواء كان مرشحا مستقلا ذا كفاءة أو مرشحا مدعوما قبليًّا؛ فعندما يتم إيجاد تكتلات هدفها الدفع بمرشح ذي قدرات عالية لخدمة وطنه وشعبه، فإنَّ هذا هو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الحكومة الرشيدة من خلال إيجاد سلطة تشريعية فاعلة تساعد في السير بركب الوطن إلى آفاق أوسع.

يجب أن يحس كل مرشح في انتخابات هذه الدورة بأن الهدف الأكبر والأسمى هو عمان كوطن، وأن نترك ما دون ذلك خلفنا؛ فلقد تبيَّن لنا جميعا أنَّ النهج الذي اختطه مولانا -أبقاه الله- هو النهج السليم، وهو نهج التعايش والتسامح والرحمة، ونهج الحيادية الإيجابية لبلدنا في الصراعات التي تعصف بالمنطقة، وبفضل هذا التوجه يحب أن تكون الانتخابات ترجمة فعلية لذلك؛ من خلال اصطفافنا جميعا خلف مولانا، واختيار المرشح الأفضل بعيدا عن الحسابات الضيقة؛ فمن سيكون تحت قبة المجلس سيمثل عمان من خلال مراجعة القوانين والتشريعات لكل عمان وليس لولايته، وسيكلف نفسه أن يكون رقيبا نزيها لأداء الحكومةفهو لا يمثل ولايته بل يمثل عمان كلها، ويجب أن يبتعد الأعضاء الجدد عن ظاهرة لا تمت لوطننا بصلة تنامت في الدورات السابقة ويمكن أن نسميها "الظاهرة الصوتية" حيث يغلب على بعض الأعضاء لغة الصريخ والتشهير ووضع الهفوات البسيطة تحت المجهر وتكبيرها لكي يستدروا عطف الرأي العام ضد الحكومة، وحسب ما تبين لي أنَّ أصحاب هذه الظاهرة لا يجيدون فن الحوار الهادئ المستند لحقائق وأرقام ووقائع حقيقية؛ لذلك يميلون لتغطية ذلك العجز بتلك الطريقة.

... علَّمنا جلالة السلطان أن نحب كل شبر من عمان من أقصاها إلى أقصاها، وأن نتكافل ونتراحم بيننا، وأن نغفر لبعضنا البعض الأخطاء إن وُجدت، ونعمل على تصحيحها معا يدًّا بيد، بعيدا عن أي انتماءات أخرى.. حفظ الله عمان، وحفظ السلطان.

alikafetan@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك