الانتخابات والتنافس الشريف

سالم الكثيري

نعيشُ هذه الأيام أجواء رائعة تتمثل في الحراك الانتخابي لمجلس الشورى للفترة الثامنة.فليس هناك اليومصوت يعلوعلى صوت الانتخابات.فلا يكاد يمر أحدنا بطريق دون أن يلاحظ إعلانات المترشحين وصورهم ذات اليمين وذات الشمال مذيلة بأسمائهم ومؤهلاتهم وشعاراتهم الإنتخابية. أما في كواليس القاعات والمجالس، فإنَّ الاستقطاب على أشده؛ حيث يسعى كل تكتل لضم مزيدمن الناخبين إلى صفه. هذا على أرض الواقع،فيماتكتسحوسائل التواصل الاجتماعي-بمختلفصنوفها- كل الوسائل الأخرى؛ حيث حرية طرحالآراء والنقاشات والحوارات االمكثفة حول كلما يتعلق بهذا الشأن.

وفي حقيقة الأمر، يُعتبر هذا الحراك ظاهرةصحية تُبرز اهتمام المواطن بحقه الانتخابيوسعيه للمشاركه في صنع القرار من خلال اختيار من يمثله في مجلس الشورى.

وكمراقب للوضع في محافظة ظفار، أرى التنافس بين المترشحين وتكتلاتهمفي أجمل صوره؛ حيثيقدم كل مترشححملتهالانتخابيه، متفهماما يقوم به الطرف الآخر من جهد لجذب أي أصوات جديدة إلى قائمته؛ حيث إنَّ الجميعيعي أن من ترشح لعضوية المجلس سيكون ممثلا لكل العمانيينوليس لتكتله فحسب، وأن التنافس لا يفسد للود قضية، والفوز هو في نهاية الأمر للكل دون استثناء.

كما من الملاحظ أن المتقدمين للانتخابات هم من الشباب الأكفاء ومن حملة المؤهلات العلمية العالية ومن ذوي الخبرات العملية من مختلف المؤسسات الإدارية الحكومية والخاصة؛ مما يعني أنهم اكتسبواخلالفترة عملهم الكثير من التجارب والمهارات التي تمكنهم من أداء مهامهم البرلمانية على أكمل وجه.

ومن إيجابيات هذا التنافس أيضا الندوات القانونية والحوارات المجتمعيةالتي تقام على هامش العملية الإنتخابية، وكذلك تركيز المترشحين على الحملات الإعلانية بشكل محترف ونموذجي والعمل على الاستفادة القصوى من مختلف الوسائل لإبراز برامجهم الانتخابية.

ومن الصور الإيجابية للشورى الأسس التي تقوم عليها التكتلات؛ حيث تقوم على أساس الوفاق المجتمعي ومشاركة الجميع والعمل على كل ما من شأنه أن يوحد صف المجتمع لا تفرقته.وعلى الرغم مما يفرضه واقع الحال والتكوينة الاجتماعية للبلد فلا يوجد هناك تكتل قد انكفأ على نفسه وقام بإقصاء الآخرين على أساس قبلي أو مناطقي بل على العكس فإن التوجه واضح بأن التكتلات مفتوحة للكل وتبقى مسألة الانضمام لهذا التحالف أو ذاك وفقا للقناعات أو الدور أو غيرها من الشروط المنطقية، ولعلتجمع صلاله الانتخابي الذي يضم مختلف الفئات والقبائل في الولاية يُعد النموذج الأبرز لهذه التحالفات على مستوى السلطنة ككل. كما أن مسألة شراء الأصوات ليس لها وجود من قريب أو بعيد في المحافظة فصوت الناخب مصان وحق له وليس لغيره لديه الحرية المطلقة في منح صوته بشكل مفرد أو مع تكتل ما.وهذه أيضا من الصور الإيجابية التي لابد من التأكيد عليها.

ولهذا؛ عليناأن نؤكد على الثوابت والقيم التي تعزز من تماسكالمجتمع وتلاحمه وأن لا ينجرف أي منا وراء الدعوات القبلية أو المناطقيةغير المسؤولة التي قد تأتي من هنا أو هناك. وعلينا أن ننظر لهذا التفاعل النظرة الواقعية، وأن العملية الانتخابية على ما تحمله من فوائد سيخفت ضجيجهاوتنتهي تماما بنهاية شمسيوم التصويت فيما سيظل المجتمع هو هو بأهله وناسه بأخلاقهم وعاداتهم وأعرافهم الطيبة.

هذا من ناحية.ومن ناحية أخرى، فإنَّنا ننتظر من عضو مجلس الشورى الأداء المتميزوتحقيق النتائج المرجوة منه بعيدا عن الروتين المعروف ورعاية المناسبات.وذلك أن مهمام ومسؤوليات العضو باتت أكبر من المطالبة برصف طريق أو إنارته...وغيرها من الاحتياجات الضرورية للأحياءوالقرى، والتي تعتبر من مهام عضو المجلس البلدي لتصبح أي مهام عضو مجلس الشورىمهام رقابية وتشريعية ذات بُعد إستراتيجي، وهذا هو الدور الذي يفترض أن يؤديه عضو الشورى.كما ندعوالحكومة إلى أن تتحمل مسؤوليتها تجاه مجلس الشورى وألا تجعل منه طرفا مضادا لها في كل شيء.وألا تعمل على تكميم أفواه المتحدثين باسم الشعب.ندعوأن تكون العملية توافقية تقوم على أسس قانونية وبرلمانية يكون هدفها الأول والأخير الوطن والمواطن، وليس صراعا بين أعضاء مجلس الوزراء ومجلس الشورى؛ فالمرحلة حساسة إلى أبعد حد،والعالممن حولنا يتقلب ويفور.والوطن بحاجة إلى تفهم وتعقل وتضافر جهود الجميع.

تعليق عبر الفيس بوك