قبة مجلس الشورى والمسؤولية الوطنية

د.سُليمان بن عُمير المحذوري

تمّ تحديد يوم الأحد 25 أكتوبر موعداً للتصويت في انتخاب أعضاء مجلس الشورى للفترة الثامنة2015م، واستناداً إلى موقع وزارة الداخلية فقد أفرزت الإحصائية النهائية لعدد المرشحين لعضوية المجلس للفترة القادمة عن 596 مرشحاً يتنافسون على 85 مقعداً. تجدر الإشارة إلى أنّ القائمة الأوليّة ضمّت 674 مُترشحاً من جميع محافظات السلطنة؛ إلا أنّ فترة تقديم طلبات سحب الترشح شهدت انسحاب عدد 78 من المُترشحين وهذا في حد ذاته يُعطي مُؤشراً إيجابياً لنمو الوعي المجتمعي لدى المترشحين بمدى أهمية مقعد مجلس الشورى، وبالتالي لابد أن يكون شاغله أهلاً لحمل تلك المسؤولية الوطنية بما يملك من عناصر الكفاءة التي تؤهله لشغل هذا المنصب واضعاً دائماً وأبداً مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.ولكن رغم هذه الانسحابات بقيت بعض الأسماء التي لا تمتلك القدرة أو الكفاءة لحجز "كرسي" المجلس للسنوات الأربع القادمة وبالتالي هنا تقع المسؤولية الجسيمة على الناخب ، ومدى وعيه بأهمية هذا الأمر يحتّم عليه اختيار الأفضل والأكفأ بعيداً عن الميول أوالمزايدات القبلية والمناطقية أو غيرها من التوجّهات.وكما هو معلوم خلال الدورات السابقة للمجلس بروز بعض أعضاء مجلس الشورى وهم يُعدون على الأصابع فيما وجدت فئة أخرى من على شاكلة " أثني على ما قاله الأعضاء" أو "أتنازل عن دوري لممثل ولاية كذا" أثناء انعقاد جلسات المجلس وبكل تأكيد أنّ فاقد الشيء لا يُعطيه وبالتالي كيف يُمكن التعويل على هذه الفئة في رسم السياسات والمشاركة في وضع القوانين والأطر للسلطنة خلال المرحلة القادمة.

واستناداً إلى قانون انتخابات مجلس الشورى يتم تمثيل الولايات في المجلس وفقاً لتعداد العُمانيين في كل ولاية، فإذا كان عدد العُمانيين في الولاية 30 ألف فأكثر، يتم تمثيلها بعضوين، بينما يتمّ تمثيل الولاية بعضو واحد إذا كان عدد العُمانيين في الولاية أقل من 30 ألف. بيد أنّه من الأفضل من وجهة نظري أن يتم تمثيل الولايات بناءً على كثافة عدد السكان في كل ولاية ووفقاً للتعداد السكاني على سبيل المثال: من 25 - 80ألف "عضوين"، أقل من 25 ألف "عضو واحد" ، أكثرمن 80ألف "ثلاثة أعضاء" ؛ بحيث يتم تمثيل الولايات ذات الكثافة السكانيّة بثلاثة أعضاء.

كما أنّ ذات القانون من خلال المادة 34 اشترط في المُترشح لعضوية المجلس ألا يقلّ مستواه العلمي عن دبلوم التعليم العام؛ وهذا في حد ذاته تدرج مُناسب في اشتراطات الترشح؛ إلاأنني أرى أن يرفع الشرط إلى حمل الدرجة الجامعية الأولى كشرط أساسي للترشح لعضوية الشورى خلال الفترة القادمة فضلاً عن الشروط الأخرى التي ينبغي تكييفها طبقاً لمتطلبات المرحلة القادمة.

ومن جهة أخرى نظّمت وزارة الداخلية سلسلة من الندوات والملتقيات التعريفية بمختلف محافظات السلطنة اعتباراً من تاريخ 24 أغسطس والتي تستمر حتى 19 أكتوبر.وتهدف ندوات "ملتقى الشورى" هذه إلى التعريف بأهمية مجلس الشورى وأدوار أعضاء مجلس الشورىفضلاً عنالجوانب القانونية والتنظيمية لانتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة الثامنة وغيرها من الجوانب. وبرأيي أنّ هذه الندوات كان الأجدر أن تبدأ قبل سنة من موعد الانتخابات على أقل تقدير وبشكل مُوسّع ومُعمّق حتى تؤتي أُكلها وتحقق أهدافها خاصّة فيما يتعلق بموضوع المهارات الواجب توافرها في المُترشح لانتخابات أعضاء مجلس الشورى، وأهمية المُشاركة الانتخابية وغيرها من المواضيع ذات الصلة على أن تكون هناك ندوات أو لقاءات أخرى توعوية قبيل فترة الانتخابات.

ختاماً كلّ الأنظار الآن تتطلع إلى يوم25 أكتوبر لاختيار أعضاء مجلس الشورى للفترة الثامنة، وكما أسلفت فإنّ الكرة الآن في ملعب الناخب لاختيار من يراه مُناسباً لتبوء هذه المسؤولية الوطنية، ولا شك أنّ الناخب العُماني بعد هذا الحراك الشوري منذ تأسيس المجلس وتعاقب فتراته وما نجم عنها من تراكم خبرات لا بأس بها قادر على أن يثبت أنّه وصل إلى مرحلة مُناسبة من النضج تمكّنه من اختيار المُرشح الأكفأ والأفضل ليمثل ليس ولايته فحسب بل عُمان بأسرها خير تمثيل.

abu-alazher172@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك