الميمني يقدّم قراءة حول تجربة النحات أيوب البلوشي

مسقط - الرؤية

قدّم الفنان والناقد التشكيلي عبدالكريم الميمني قراءة في تجربة النحات أيوب ملنج، بمناسبة إقامة معرض "رقص الطيور" للفنان أيوب بن ملنج البلوشي في"رواق الفكر" بمركز الدراسات والبحوث بمؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، الأسبوع الماضي، وقال "رغم تعامل هذا الفنان مع الأخشاب والصخور الصلبة الصماء إلا أنني وجدته يحمل قدراً كبيراً من الحب والحنان والعطف، أقول ذلك لأني لم أعرفه كفنان عابر بل كانت لي معه صحبة كريمة طيبة داخل السلطنة وخارجها أثناء مشاركاتنا المحلية والدولية في مجال الفنون ولمست عن قرب كيف يتعامل هذا الفنان بأخلاق العماني الكريم صاحب الوداعة والذوق الرفيع وكيف كان يكسب قلوب من حوله بابتسامته العذبة وكلامه الجزل اللطيف، أَضف إلى ذلك تواضعه الجم الذي أنزله المنزلة الرفيعة في قلوب الجيل الواعد من النحاتين العمانيين الشباب فهو يكاد يكون أحد أكثر رواد الحركة التشكيلية الذي يملك في رصيده عدداً كبيراً من النحاتين الشباب الذين يتعهدهم ويرعاهم بالمشورة وينقل لهم خبرته العريضة على بساط أحمدي بكل حب وود وذلك أثناء الملتقيات المحلية والدولية والمعارض الفنية التخصصية في مجال النحت أو غيرها ومآل ذلك هو أمله الكبير أن يواصل الشباب مسيرة فن النحت التي بدأها ويرتقوا بها وحتماً سيكون سعيداً إذا رآها تتألق ويستمر عطاؤها من خلال دعمه لهم. وقد بدا تأثيره واضحاً منذ زمن على جيل كامل من الفنانين الشباب الذين أصبحوا الآن منالفنانين الذين يُشار لروعة نتاجهم بالبنان في حركتنا التشكيلية العمانية المعاصرة داخل مسقط وفي محافظات السلطنة الأخرى، بل استطاع بموهبته الفذة وقدراته الفنية الكبيرة أن يقلب موازينمفاهيم النحت ونظرة السواد الأعظم من المجتمع من حالة رافضة لعمل تمثال نحتي إلى حالة مقبولة له"

وأضاف "لقد اختار أيوب البلوشي فن النحت باعتباره الفن الذي من خلاله يتعامل المبدع مع الشكل المجسم ذي الأبعاد الثلاثة مما يجعله قادرا على مضاعفة التعبير والإمتاع انطلاقا من مُنجزٍ واحدا، عكس اللوحات الفنية التي يُتعامل عبرها مع المسطح من الأشكال. وقد قام بإنجازاته النحتية تلك عبر خامات أغلبها حجرية وخشبية مُجسداً من خلالها موضوعاته الموحية بالثبات والسكون أحيانا وبالحركة في أحايين أخرى انطلاقا من وضعيات مختلفة ومتنوعة كالانحناءات والتعانقات وغيرها كما في تجاربه مع طائر اللقلق والأمومة والأشكال التجريدية، مما أكسبه تجربة معمقة في التعامل مع الجمادات بالشكل الذي مكنه من القدرة على تحويل الكتل التي بين يديه إلى أشياء تبرز فيها الجمالية والمتعة، ولعل كثرة اطلاعه على المنحوتات في كل أرجاء العالم التي سافر إليها جعلته متمكنا من إخراج منحوتات تتجدد رؤيتها بشكل متطور. والمتفرج على أعماله الكثيرة والمتنوعة منذ بدايتها وحتى الآن يظهر له جلياً روح المغامرة التي عبرها يحاول أيوب البلوشي تجريب كفاءته ومدى الجمالية التي يمكن أن يضيفها لمنجزه النحتي، فهو يغرف رؤاه من الماضي ومن الحاضر ومن كنوز مخيلته الواسعة. ويبدو أنه خلق من تجربته الإبداعية تواصلا دؤوبا بمستجدات وقضايا النحت مع تجارب الآخرين في كل بلدان العالم في وقت صار فيه هذا الأخير قرية صغيرة بفضل التقدم الإعلامي. وهو في ذلك كله يقدم إبداعات تُبدي صياغات فريدة خاصة به، تعكس أحلامه ورؤاه وتقنياته وأسلوبه الفني"

وبعد انتهاء المحاضرة جرت مناقشات مع الحضور.

يذكر أن قاعة "رواق الفكر" احتضنت على مدى ثلاثة أيام منحوتات الفنان أيوب بن ملنج البلوشي في معرض أقامه جرى افتتاحه بحفل أقيم تحت رعاية سعادة الدكتور يحيى بن بدر المعولي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية ضم 23 منحوتة بأحجام مختلفة تمثّل تجربة البلوشي الذي يعد رائدا في مجال النحت العماني المعاصر عبر أعمال استخدم فيها الرخام والخشب، واستلهم أفكارها من البيئة العمانية ومخزون الذاكرة، كما جرى تدشين كتاب" أيوب ملنج رائد النحت العماني" الذي أصدره المركز.

تعليق عبر الفيس بوك