ما هكذا تورد الإبل يا شوالي!

محمد الساعدي

هناك خيطٌ رفيع يفصل بين المُعلّق الذي يليق بالمشهد الرياضي العربي، وبين من بقي أسيرًا لزمنٍ مضى، لا يُجدد أدواته ولا يُراجع أرشيفه. وعندما نتحدث عن عصام الشوالي، فإننا لا نتحدث عن اسمٍ طارئ، بل عن صوتٍ ارتبط بملايين المتابعين، وصاحب رصيدٍ طويل في منصات التعليق. ولكن… طول الباع وحده لا يكفي إن لم يُدعَّم بوعيٍ ومسؤولية ودقة فيما يُقال.

والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف لمُعلّق مخضرم مثله أن تمر عليه أساسيات المعلومة، أو يتجاهل تدقيقها، وهو الذي يفترض أنَّه يحرك الرأي ويصنع المزاج الكروي على الهواء؟

من المستغرب أن يبني الشوالي معلومة قديمة، مستهلكة، ومبتورة السياق… ثم يرفعها كأنها فتحٌ تاريخيّ، يُلوّح بها كلما ظهر منتخب عُمان في الأفق.

المعلومة التي ورثها عن علي الكعبي، تلك التي تتعلق بفوز ليبيا على عُمان في عام 1966—عام كان فيه "منتخب عُمان" مجرد مجموعة طلاب هواة، لا منتخبًا وطنيًا، ولا كرة احتراف، ولا منظومة رياضية.

ومع ذلك تُقدَّم وكأنَّها صفحة رسمية من كتاب التاريخ الرياضي!

ثم المدهش أكثر: لماذا لا يذكر الشوالي مثل هذه "الاكتشافات" عندما يتعلق الأمر بمنتخبات أخرى تشاركه بطولات كأس العرب؟ لماذا لا ينبّش في أرشيف غيرنا كما ينبّش في أرشيف عُمان؟ لماذا لا يُعيد لنا نتائج قديمة وقاسية لمنتخبات خليجية أو عربية أخرى- نتائج أقرب زمنًا وأوضح سياقًا؟

لأنهم هناك… لن يسكتوا. ولأنَّ الأقلام الرياضية في تلك الدول ستقف له بالمرصاد.

أما العماني؛ فهو حليم، هادئ، لا يدخل مهاترات، ويُفضّل أن تعلو قيمة الرياضة على صخب الجدال.

ومن هنا يظن الشوالي أن الساحة خالية، وأنه قادر على إعادة تدوير المعلومة ذاتها عامًا بعد عام دون أن يُسائله أحد.

لكن ما لا يعرفه أن تاريخ عُمان أكبر بكثير من "معلومة 1966" التي يتشدق بها كلما سنحت له فرصة.

تاريخ عُمان ليس نتيجة مباراة… ولا حدثًا عابرًا في سجل كرة قدم.

هو تاريخ حضارة، وسيادة، وحضور ممتد عبر قرون.

تاريخ بلدٍ حين يتحدث عنه الباحث الحقيقي-لا الضيف العابر أمام الميكروفون- يحتاج أن يختار نقطة بداية قبل أن يختار نهاية.

ويا شوالي… إن كنت مصرًّا على الحديث عن عُمان كلما مرّ اسمها في تعليقك، فافعلها كما يفعل المحترفون:

ابحث، دقّق، اقرأ من مصادر موثوقة، وابتعد عن المعلومات التي تجاوزها الزمن.

ارفع مستوى الطرح، ولا تُحوّل التعليق إلى منصة تُعاد فيها نفس الفكرة الباهتة منذ سنوات.

فالعُماني حين يسمعك تتحدث عن بلده، يريد منك معلومة تُشرّف لا تُثقل، تُنير لا تُعكّر، وتعكس احترامك لمشهدٍ رياضي أنت أحد صانعيه.

 

وفي الختام… كُن بخير يا "شواليّ العلوم"، واجعل صوتك الذي أحببناه يومًا إضافةً للمشهد… لا ظلًا يُعيد نفسه.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z