هكذا هي عُمان

 

 

 

 

عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية

 

عُمان أرض العروبة والصمود..

مجان أرض النحاس واللُبان..

مزون أرض الأساطين والشجعان..

هي عُمان مرَّت وتمر بها الحقب والأزمان، وهي كما هي، لا تتغير لا في ترابها الطيب، ولا في إنسانها الكريم، ولا في كفوف أئمتها وسلاطينها الممدودة بالسلام لمن مد يده بالسلام.

هي عُمان الخيرات التي استخرجت الفضة من مناجمها، وابتاعها الملك الأكدي ماني شتوسو في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، ووثق اسمها في الكتابات واللوحات الأكدية.

هي عُمان التي عرفها السومريون حلقة وصل بين حضارتيْ وادي النيل وما بين النهرين، وحضارة السند.

هي عُمان التي نقش المصريون القدماء، الرحلة إليها، على جدران معبد الدير البحري في طيبة في الألف الثانية قبل الميلاد بأوامر من الملكة حتشبسوت.

هي عُمان التي غدت تمتلك ثاني أكبر أسطول بحري بعد قرطبة وطيرة في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي بعض الروايات كانت تمتلك الأكبر والأكثر عددًا.

هي عُمان الخير والسلم والأمن التي لبت دعوة خير البشر عندما وصلت دعوته لأهلها بالإسلام، ومنها انطلقت سفن عُمان إلى بلاد السند لنشر راية الإسلام في عهد الفاروق عمر بن الخطاب.

هي عُمان المروءة والنجدة والغوث التي استصرخت بإمامها الزهراء السقطرية في القرن الثالث الهجري.

هي عُمان التي أُعجب السلطان المغولي علم شاه بقيادة الإمام أحمد بن سعيد في التصدي لهجمات القراصنة على السواحل الهندية، فعقد معه حلفًا وعيَّن أول سفير له في مسقط.

هي عُمان العزم والجلد التي هبَّت لعون البصرة في عام 1775م، على أسطول يربو على المائة سفينة تتصدرها الرحماني، وفكت بعشرة آلاف مقاتل عُماني حصار 50 ألفًا من الفُرس عنها، مما أسعد السلطان العثماني، ومنح إمام عُمان خراجًا سنويًا استمر ولاة البصرة في دفعه حتى وفاة السيد سعيد بن سلطان.

هي عُمان الجمال والسماحة والمحبة، التي أبحرت برسالتها السفينة سلطانة إلى شطآن نيويورك بالولايات المتحدة في 13 أبريل عام 1840م.

هكذا هي عُمان منذ العصور الغابرة، إلى عهد السلطان هيثم بن طارق في هذا العهد المتجدد، هادئة وادعة لا تحب الضجيج، ولكنها في الملمات تضرب بمتانة نسيجها أروع ملاحم القوة، وتسطر بلحمة شعبها أسمى أمثلة التكاتف، بلاد تلتف حول بعضها البعض حكومة وشعبًا كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا، وينأى بنفسه عن أي تدخل خارجي، حتى يرمم حالته، ويخرج للعالم في أبهى حلته.

هكذا هي عُمان أرض الغبيراء والنحاس واللبان والبحار، بجبالها الشامخة؛ حيث تختبئ خلايا نحل بوطويق في كهوفها، وتتوشح مدرجاتها بالخوخ والمشمش والرمان، وتتزين قممها بالبوت والعتم، وفي صحاريها تتهادى الإبل، وتتسابق المها العربية في سفوحها، وتغوص الشارخة والصفيلح في شطآنها، وتتقافز الدلافين في سواحلها، تكتسي قمة جبل شمس وجبل السراة في شمالها بالثلوج شتاء، فتنافس أجمل بقاع العالم سحرا، ويرتدي جنوبها الثوب الأخضر ويزهر النرجس البري صيفا، فيباهي مرتفعات أوروبا جمالًا.

هكذا هي عُمان منذ بداية التأريخ، استوطنها الإنسان العُماني، ولم يعجزه جبل صلد، ولا بحر طم، ولا واد قفر، ولا صحراء قاحلة، ترك أثره الطيب قلعة أو حصنًا أو سورًا، في كل بقعة مر بها، واليوم ونحن نحتفي في نوفمبر الميمون بالذكرى الحادية والثمانين بعد المائتين لتأسيس الدولة البوسعيدية، نستذكرُ طيب أثر من رحلوا، ونرفع أكف الحمد والشكر على نعم الله الكثيرة التي اختصنا بها، ونؤكد أننا على العهد باقين، وكلنا حول سُلطاننا الغالي هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- ماضين خلفه أُمَّة واحدة، وحدتنا عُمانيِّتُنا وانتماؤنا لأرض الحضارات، وانضواؤنا تحت راية سلطنة السلام.

 

-----------------------------------------

توقيع:

"يا حي يا قيوم... احفظ لنا عُمان

أبيَّة تدوم... وبالعُلا تُزان

يظلها الرخاء... من خيرك العميم

فلتسلمي عُمان... يا حُرة المرام

حصونك الأمان... راياتك السلام

عهدًا لك الولاء... يا موطني الكريم

شعارنا المصان... على مدى الزمان

الله والأوطان... والعز للسلطان

بعزة الرحمن... وهديه القويم"

** نشيد الحرس السلطاني العُماني.

الأكثر قراءة

z