يحيى بن سعيد آل داوود **
الحمد لله الذي أعزَّ بلادنا بدين الإسلام، وجمع شملها على كلمة التوحيد، وأكرمها بقيادة رشيدة سطرت للأمة نموذجًا في البناء والوحدة والعطاء.
وفي هذا اليوم المجيد، تحتفي المملكة العربية السعودية بذكرى اليوم الوطني الخامس والتسعين، ذكرى توحيد هذا الكيان العظيم على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيب الله ثراه- الذي وحّد القلوب قبل الأرض، وأسس دولة راسخة الجذور، مُتجددة العطاء.
إنَّ اليوم الوطني ليس مجرد مناسبة للتعبير عن الفرح والفخر؛ بل هو محطة نستحضر فيها مسيرة بناء متواصلة امتدت عبر العقود، وشهدت فيها المملكة تحولات كبرى جعلتها في مصاف الدول الرائدة. إنه يوم لتأصيل القيم التي قامت عليها هذه البلاد: التوحيد، العدالة، الوحدة، والشموخ، ولنجدّد فيه العهد بالولاء والانتماء.
لقد نشأت المملكة العربية السعودية على أُسس صلبة، قوامها الإيمان الراسخ، والطموح الذي لا يعرف المستحيل، والعمل الدؤوب من أجل رفعة الوطن.
وما يُميز وطننا العزيز أن عزته تنبع من طبيعة أهله، ومن صفاء أرضه، ومن صدق سعيه في ميادين البناء، وهذه العزة ليست شعارًا يُرفع، وإنما إنجاز مُتجدِّد يظهر في كل ميدان، ويتجسَّد في كل موقف، ويتوارثه الأبناء عن الآباء جيلًا بعد جيل.
واليوم.. وفي ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله-وسمو ولي عهده صاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- أيّده الله- نشهدُ قفزات نوعية غير مسبوقة في شتى المجالات. فقد رسمت رؤية "المملكة 2030" ملامح مستقبل مختلف، جعلت الإنسان محورها الأول، واعتبرت العلم والمعرفة حجر الزاوية في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وقد انعكس ذلك في مشروعات وطنية عملاقة، وإصلاحات نوعية شملت الاقتصاد والتعليم والصحة والتقنية والطاقة، ما عزّز مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا. ولم يكن الاهتمام بالعلم والتعليم وليد اللحظة، بل هو امتداد لنهج ثابت جعل من بناء الإنسان ركيزة أساسية. ومن هنا جاء الدعم الكبير لوزارة التعليم، التي تواصل جهودها لتطوير المناهج، وتعزيز الابتعاث، وتمكين الطلاب من مواصلة مسيرتهم التعليمية في الداخل والخارج. هؤلاء الطلاب هم الاستثمار الأغلى، والثروة الحقيقية التي تراهن عليها المملكة في مسيرة التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، تبرُز الجهود المُخلصة لمعالي وزير التعليم في رعاية الطلاب ومنسوبي الوزارة، والحرص على تهيئة بيئة تعليمية متطورة تتواكب مع طموحات المرحلة. كما تحضر بجلاء جهود بعثات المملكة التعليمية والملحقيات الثقافية التي تقدم الرعاية والدعم لأبنائنا في الخارج، وهو ما يعكس حرص الدولة على متابعة كل مواطن، وتذليل الصعاب أمامه أينما كان.
إنَّ اليوم الوطني مناسبة لاستحضار تضحيات الرجال الذين بنوا هذه البلاد، والذين حموا حدودها وسهروا على أمنها، وللاعتزاز بما تحقق من إنجازات على أيدي أبنائها في مختلف القطاعات. وهو أيضًا مناسبة لتأكيد الثوابت التي تميّز هذه البلاد: الكرم والجود، النصرة في الملمات، والوفاء بالعهد. هذه الصفات ليست طارئة ولا مكتسبة، وإنما هي من صميم هوية هذه الأرض المباركة وأهلها.
وفي ظل هذه المنجزات، يبقى الشباب السعودي هو عماد المستقبل، وسر القوة، ومصدر الإلهام. فهم الذين يحملون الراية نحو الغد، بوعيهم وطاقاتهم وإصرارهم على تحقيق النجاحات. وبهم، وبعزيمة قيادتهم، وبعون الله وتوفيقه من قبل، تمضي المملكة إلى آفاق أرحب من النمو والازدهار.
وختامًا.. يبقى اليوم الوطني رمزًا للوحدة، ودليلًا على أنَّ هذا الوطن ماضٍ في طريقه نحو القمم. إنِّه وطن لا يعرف الانكسار، ولا يقبل إلا بالريادة، وطن يجمع المجد من ماضيه، ويبنيه بحاضره، ويستشرف به مستقبلاً بلا حدود. وطن يكبر بعزم شبابه، ويزدهر برؤية طموحة، ويستمد عزته من قيمه الراسخة وإيمانه العميق.
فكُل عام ووطننا بخيرٍ وفي عزةٍ ومجدٍ.. وكل عام ووطننا يسير بخطى واثقة نحو المستقبل، تحت ظل قيادته الرشيدة، وبوفاء أبنائه الأبرار.
** الملحق الثقافي السعودي في سلطنة عمان