عيسى الغساني
الإفلاس هو نظام قانوني يهدف إلى معالجة وضع العجز المالي الذي يعاني منه التاجر أو الشخص الاعتباري عند توقفه عن دفع ديونه في مواعيدها، وهو ليس جريمة جنائية بحد ذاته، بل هو إجراء اقتصادي وقانوني لإعادة تنظيم العلاقة بين المدين والدائنين.
ويُعدّ الإفلاس ظاهرة اقتصادية وقانونية تعكس عجز شخص أو شركة عن الوفاء بالتزاماتها المالية. وعلى الرغم من أن البعض قد ينظر إليه وكأنه خرق قانوني أو تصرف غير مسؤول، إلا أن القوانين في مُعظم الدول تؤكد أن الإفلاس ليس جريمة، بل هو حالة مالية تستدعي إجراءات تنظيمية تهدف إلى حماية الدائنين وتوفير فرصة للمدين لإعادة ترتيب أوضاعه الاقتصادية.
الإفلاس في القانون تنظيم وليس تجريم
في معظم الأنظمة القانونية، لا يُنظر إلى الإفلاس على أنه فعل إجرامي؛ بل هو عملية قانونية يُمكن لأي شخص أو شركة اللجوء إليها عند التعثر المالي. على سبيل المثال، ينص القانون الأمريكي على أن الإفلاس هو حق قانوني يمنح الفرد أو الكيان فرصة للتخلص من الديون أو إعادة هيكلتها تحت إشراف المحكمة. وفي دول مثل ألمانيا وفرنسا، تعتبر قوانين الإفلاس وسيلة لتنظيم العلاقة بين الدائن والمدين، مع مراعاة الحفاظ على مصالح الجميع.
وأسباب الإفلاس ناتجة عن عوامل اقتصادية وليست جنائية؛ حيث إن الإفلاس غالبًا ما يكون نتيجة لعوامل اقتصادية، وليس نتيجة لسلوك غير قانوني. بعض الأسباب الشائعة تشمل:
• الأزمات الاقتصادية: تموجات السوق التي قد تؤدي إلى انخفاض الإيرادات بشكل كبير.
• سوء الإدارة المالية: قرارات استثمارية خاطئة أو عدم التخطيط المالي السليم يمكن أن يؤدي إلى تراكم الديون.
• التغيرات في السياسات الحكومية: ضرائب جديدة أو تغير في قوانين التجارة.
• التنافس القوي في السوق: دخول شركات جديدة أو تغيير في سلوك المستهلكين، فقدان الشركات القديمة لحصتها السوقية.
وتوجد قوانين لحماية المدينين الذين يمرون بحالة الإفلاس؛ ففي العديد من الدول، يُسمح للأفراد أو الشركات بإعادة هيكلة ديونهم عبر خطط السداد أو تسوية مالية تحت إشراف القضاء؛ مما يمكنهم من الاستمرار في العمل أو إعادة بناء أوضاعهم المالية.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، الفصلان 7 و11 من قانون الإفلاس يقدمان طرقًا مختلفة لإدارة الديون، إما عبر تصفية الأصول أو إعادة الهيكلة.
ورغم ذلك هناك عدة حالات ينتقل الإفلاس من المسؤولية المدنية الى الجنائية وهذه الحالات هي: 1- إخفاء السجلات أو الحسابات، 2- تهريب الأموال أو تهريب الأصول. 3- منح امتيازات غير عادلة لدائن على حساب الآخرين. 4- تقديم بيانات كاذبة.
الخلاصة.. إنَّ الإفلاس ليس جريمة؛ بل حالة اقتصادية تتطلب حلولًا قانونية وتنظيمية. بدلاً من النظر إليه كوصمة عار، ينبغي التعامل معه كفرصة لإعادة ترتيب الأمور المالية وتصحيح الأخطاء السابقة، والقوانين توفر إطارًا لحماية الدائنين والمدينين؛ مما يسهم في دعم النشاط الاقتصادي بشكل أكثر استدامة.