د. أحمد بن علي العمري
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل، وهو يستهويه هذا الوصف، كما إنه رجل مالي واقتصادي يُحب التفرد والتميز ويسعى لأن يكسب دائمًا، وأن يكون هو الرابح الوحيد والمتفرد.. لكن بماذا يُفكِّر هذا الرجل في ولايته الرئاسية الثانية؟
إنني من بينك أولئك الذين يعتقدون أن عينه على جائزة نوبل للسلام، وقد ذكر ذلك واضحًا في خطاب تنصيبه وأنه "رجل سلام"، وهذه دلالة واضحة ومباشرة لما يهدف إليه. فماذا كان منه لكي يصل إلى ذلك الهدف؟ لقد وجه ترامب بأن تنتهي حرب غزة قبل تنصيبه، وفي سابقة فريدة أرسل مستشار الأمن القومي الخاص به إلى الشرق الأوسط، لممارسة الضغط على بنيامين نتنياهو، ويجعله ينصاع للاتفاق مع حماس، على الرغم من المخاطرة السياسية في ظل تهديد بن غفير وسموتريتش. ونجحت الصفقة وتحققت وبدأت أولى خطواتها تتحقق.
لكن ماذا بعد؟!
يعلم ترامب أن جائزة نوبل لن ينالها إلّا إذا حقق التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية وهي الدولة الأهم والمؤثرة في الشرق الأوسط؛ بل وفي العالمين العربي والإسلامي. كما يعلم أن المملكة لن تتنازل عن مبادرة الملك عبدالله- طيب الله ثراه- وهي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهي المبادرة التي اتفق عليها كل العرب.
ترامب يعلم أنه سبق وأن اعترف في فترة رئاسته الأولى بالقدس عاصمة لإسرائيل علاوة على اعترافه بسيطرة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، فماذا يفعل ولقد رفضت جمهورية مصر العربية- ولها كل التحية- بأن ينتقل الفلسطينيون من غزة إلى سيناء؟!
ماذا أمام ترامب حتى ينال جائزة نوبل؟
أرجو أن تحليلي هذا لا يُطبَّق ولا يتحقق وأنا أول المتوجسين منه والمعارضين له؛ حيث إنني أعتقد أن ترامب سيقول للعرب إنه قادر على تحقيق حل الدولتين، لكن بشكل وسيناريو آخر، ويمكن حتى أن يُقنع به الإسرائيليين، وهو أن تكون الدولة الفلسطينية في غزة، وأن يُقنع الإسرائيليين بذلك، ويضيف لهم حتى بعض الأراضي مما يسمى بـ"غلاف غزة" ومن المستوطنات المحاذية لغزة، وأن تُفتح الحدود مع مصر من خلال معبر رفح، وأن يُنشئوا ميناءً ومطارًا دوليًا ويتم التعامل معهم مثل لبنان وسوريا والعراق، على أن يدعم إسرائيل في حماية حدودها، ويمكن حتى إنشاء جدار عازل على طول الحدود.
لكن أرجو أن لا يتحقق هذا السناريو وإن كنت لا أستبعده!
وكما يُقال "الكتاب يُقرأ من عنوانه"، فقد شكر ترامب الإسبان والأفارقة واللاتينيين الذين صوتوا له وتجاهل العرب والمسلمين! ثم في حفل تنصيبه أتى بداعية يهودي ليقرأ عليهم ما يوصي به دينهم، كما إنهم بدأوا حفل التنصيب بتلاوة مسيحية خضعوا لها جميعًا إنصاتًا وتأثرًا، بينما يستكثرون علينا أن نبدأ فعالياتنا بآيات من الذكر الحكيم. أليس هذا القياس بمعيارين وطريقة فاضحة على ازدواجية المعايير؟!
حفظ الله العرب والمسلمين جميعًا.. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.