د. جمالات عبد الرحيم
من الظواهر الكونية التي تثير التساؤلات والتأملات هو تزامن بداية سنة 2025 مع مطلع شهر رجب، وهو أحد الأشهر الحرم التي يخصها الله عز وجل بعظيم الأثر والبركة. والشهور في الإسلام ليست مجرد تقسيم زمني؛ بل تحمل في طياتها معانٍ غامضة ودلالات روحية، وكأنها تُذكّرنا بمسار الرسالة السماوية.
لقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ" (التوبة: 36). وهذا دليل على أهمية هذه الشهور وضرورة تأملنا في معانيها. ومن بين هذه الشهور الهجرية البارزة، يبرز شهر رجب كأحد الأشهر التي رحبت بها الرسالات السماوية، حيث يُعتبر فترة تأمل وتفكر للمسلمين.
إنَّ شهر رجب يأتي كأحد الشهور التي أُنزِل فيها البيان القرآني، فهو يسبق شهر رمضان المبارك، الذي حث فيه الإسلام على الصوم والتقرب إلى الله. ومن المعروف أن رجب يُعتبر مقدمة لشهر شعبان، الذي يليه شهر رمضان، مما يجعل هذا الشهر فرصة لتعزيز الإيمان وتجديد العهد مع الله.
كما إنَّ في تاريخ الرسالات، الأنبياء كانوا دائمًا يحملون رسائل تدعو إلى عبادة الله وحده وتصحيح المفاهيم الخاطئة. فالنبي عيسى عليه السلام جاء برسالة تضاف إلى ما قبله من الرسالات، ويعد التأكيد على أهمية الإيمان بالله الواحد، وهو نفس الرسالة التي أكدها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي ظل هذه الرسائل السماوية، يعيش المسلمون اليوم في زمن مليء بالتحديات والفتن. فكما حذر الله من الاعتماد على الآخرين وعبادة غيره، نجد الكثير من العرب يتبعون القوى الغربية رغم التحذيرات الإلهية. وهذا يُظهر أهمية العودة للجذور، وتبني قيم الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى الوحدة والمحبة.
ومن المهم أن نتذكر أنّ من أولوياتنا كمسلمين هو احترام الآخر، خاصة المرأة، وتعزيز القيم النبيلة والأخلاق الحميدة. فعندما نبني أجيالاً جديدة على معارف الدين، نكون قد ساهمنا في إنهاء الحروب ونشر السلام.
إنَّ دلالات بداية سنة 2025 مع شهر رجب تدعونا لتعزيز الإيمان والتأمل في المسائل الروحية، وإحياء القيم الإسلامية الأصيلة، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا على الخير ويحقق السلام في نفوسنا.