من جندي السلاطين إلى روح السلطان جمشيد

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

‏سيدي السُّلطان جمشيد: لمن تركت أمر قيادة سفينة العلم (سفينة القيادة) المتجهة إلى ممباسا والتي من خلفها سفن الأسطول العُماني الذي يحمل العتاد والرجال المحاصرين لها لتخليصها من المحتلين وإحلال الحق وإبطال الباطل وهل أوصيتهم إلى أين يتَّجه الأسطول العربي العُماني في مُهمته اللاحقة.

سيدي السُّلطان: هل طمأنك بحّارة عُمان في أدغال إفريقيا عن الوضع هناك؟ هل أوصيتهم قبل أن ترحل على شجرة القرنفل أن يبقوها رافدًا لتلك المناطق وإلى الأبد؟ هل أوصيتهم على (بيت العجائب) (وبيت موتني) (وبيت الساحل) أن يبقوها رمزًا ومنارًا للخير والعهد الأصيل الذي من خلاله أضيف إلى العالم في تلك الأصقاع لمسة أخرى من لمسات الحضارة العربية العريقة؟

هل وصلت السفن التي ذهبت للصيانة من سواحل الهند؟ هل أخبروك عن الأسطول المُتَّجه إلى باسين وإلى سورات؟ هل طمأنتك الرسائل التي وصلت من الأسطول الآخر على السواحل العربية ومداخل البحر الأحمر والخليج العربي؟ هل أن المدافع القديمة صُهرت وأعيدت للاستخدام في أساطيل عُمان؟

هل أخبرتهم أنَّ البنديرة الحمراء يجب ألا ترتفع إلّا على سفينة العلم (سفينة القيادة)؟ هل أخبرتهم عن السفن التي ذهبت للتجارة وأنها محمية بذلك العلم الأحمر؟

سيدي السلطان جمشيد أين تركت وثائق وتقارير ما بعد الاشتباك التي أغلب ما يكون الظن أنها في جزر أفريقيا العُمانية سابقًا عن الأسطول الذي بعث به الإمام الصلت بن مالك الخروصي إلى جزيرة سُقطرى؟ وهل تمَّ التأكد أنَّ توصياتهم أُخذت في الاعتبار عن حالة البحر وحالة المد والجزر وكيف كانت فاعلية الأسلحة والرجال؟

سيدي السلطان: هل أوصيتهم على غرفة الكنوز في بيت الساحل والتي كان جدك السلطان سعيد بن سلطان والذي كانت تجلب إليه كل الأساطيل الغالي والنفيس ليوزعه على أهل بيته في المناسبات لتكون الرسالة أنَّ الأب العظيم قائدٌ عظيم وأنَّه ينطلق من أسرةٍ يُحبها وتحبه؟

هل أوصيتهم أيضًا على مذكرات السيدة سالمة أن تبقى في الرفوف التي روت من خلالها ووثقت روائع الأدب العربي الأصيل والتاريخ الجميل؟

سيدي السلطان: هل همست في أذن الأجيال أنهم مختلفون، يأخذون القليل ويعطون الكثير وهم سند هذه الأمة؟ هل تم توثيق ما قاله البرتغاليون عن الأسطول العُماني ولماذا لم يذكر اسم عُمان بمفردها لأنهم وصفوها بالأسطول العربي، من الاستراتيجيين الذي فسروا هذا، ومن الذي أخبر العالم- على الأقل الدول العربية منها- أنَّ عُمان كانت هي الواجهة لمهام ومصاعب الأمة في حقبةٍ من أهم الحُقب في تاريخ الإنسانية؟ هل قلت لهم إنَّ شيمة الرجال لم ولن تكون إلا مسايرةً للشموخ الذي يُريده الحق ولا تستمر الحياة دون الحق المبين وأنكم أمناء عليه سلاطين عُمان؟

هل قلت لهم إننا نربط سن البلوغ بحمل السلاح وللأطفال بحمل قرن التلاحيق، والمرأة بأنها السند والموصّل للذخيرة والماء والغذاء في حالة الحريق والغريق ويوم النزال؟

هل قلت لهم إنك أقفلت من إفريقيا عندما كان لأهلها رأي ورؤية أخرى للحياة، غير أنَّك لم تأخذ معك المآذن ونسخ القرآن العظيم وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا بالسفن التي سُخّرت وأوصي بها وكانت مفروضة من سلاطين عُمان؟ هل قلت لهم إنك وإن رحلت من إفريقيا أو من الدنيا تركت شواهد الثقافة العُمانية والعربية الأصيلة ومآثر الدين الحنيف.

سيدي السلطان أنت لم تطوِ صفحة عُمان، صفحاتها المشرقة بالسلاطين العظام من سلالتكم الكريمة التي بقيت وستبقى من خلال مآثر أفعالكم وحسنِ طباعكم وترفعكم وولائكم لأمكم عُمان، سيدي السلطان هل تخبرنا روحك الغالية الطاهرة عندما لفظت أنفاسها في وطنك الأم عُمان موطنك العريق موطن أجدادك وآبائك وأهلك الذين عادوا إليها جميعًا بلا استثناء لتقول لهم إنك راضٍ، وإنك سعيدٌ بهذا وأن عُمان لا تنسى أبناءها وأنكم من مهدها وعزتها وتاريخها المشرّف تحبكم ولها الشرف بأن تقول للجميع إنَّ عُمان تلك المظلة الكبيرة التي كانت وستبقى سندًا وقوة تنطلق من مبادئ العروبة والإسلام خالصةً ماجدةٍ عصيةً على كل معتد ومن كل سوء برحمة الله وبعيدةً كل البُعدِ عن الضلال وأقرب إلى أن تكون وجهة الدنيا وجانبها المضيء المُتألق برحمة الخالق عزَّ وجلَّ.

حفظ الله جلالة السلطان هيثم المُعظم، وعُمان وأهلها، وكل من يشرب من مائها الزلال.

الأكثر قراءة