تعزيز دور الأسرة وحماية المجتمع

 

 

محمد بن رامس الرواس

 

الأوطان التي ترضى الضياع لقيمها ومبادئها هي في الحقيقة تتخلى عن استقلاليتها ومصيرها، وهي بلا شك تحكم على نفسها بالزوال والفناء، وعُمان وطن القيم والمبادئ والأصول الراسخة كجباله الشمَّاء، ولذلك فإنَّ التوجيه السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال اجتماع مجلس الوزراء في صلالة، بأهمية تحصين المجتمع من كل الجوانب وتعزيز دور الأسرة، يأتي في سياق التفاعل الإيجابي من لدن جلالته مع المُتغيرات التي تحدث في عالم اليوم، علاوة على كون هذه التوجيهات بمثابة مُحددات وطنية يتعين أن ننطلق في مساراتها بكل إخلاص وولاء للقائد والوطن.

وكوني مهتم بشؤون علم الاجتماع وتنمية المُجتمع، فقد وجدت أن الرسل والأنبياء وأولي الأمر- جزاهم الله خير الجزاء- حرصوا على مُعالجة التحديات المجتمعية، واستمروا في طرح كل المبادئ والقيم التي تضمن للأسرة بقاءها وكينونتها واستمراريتها، باعتبارها نواة المجتمع، والمجتمع أهم ركن من أركان استقامة ونمو الأوطان. ولا ريب أنَّ القيم والمبادئ التي تحكم نظام الأسرة في ديننا الإسلامي الحنيف، بمثابة نجوم وكواكب تُنير لنا الطريق في صحراء هذه الحياة القاحلة، من خلال ما نادت به الرسائل السماوية من سمات وعادات أخلاقية، وأولى آباؤنا وأجدادنا الكرام عناية خاصة بها.

واليوم.. وإن لم نُعالج وضعنا كمجتمعات لوجدنا أسرنا ومجتمعاتنا غارقة في ظلام دامس من الجهل والانحراف، وسنشاهدها تذوب وهي تتلقى الجرعة تلو الجرعة من مصادر الهلاك، كالمثلية والإلحاد والشذوذ، وغيرها من الآفات التي باتت تهدد المجتمعات وقيمها الأصيلة.

إنَّ القيم التي يجب أن تصاحب الأسرة في مستقبل حياتنا لم يعد يوجهنا إليها اليوم سوى قرآننا الكريم وديننا الحنيف والسنة المطهرة لنبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأولياء أمورنا الكرام من الحكام والسلاطين والعلماء الصالحين، الذين يبحثون عن استقرار أوطانهم ومجتمعاتهم، قاصدين ومتأملين أن يعيدوا توجيهها لأن تكون مجتمعات آمنة مستقرة ثابتة مُكتسية بالإيمان والصلاح؛ لكي يتحقق لها الفلاح، وتتوشح في صميم مبادئها وتصرفاتها، بما يجعلها متمسكة بأخلاقياتها التي هي بمثابة السور الآمن لها.

كانوا يقولون قديمًا إن لكل تربة نبات ينبت فيها، ولكل زمان نبات ينمو فيه، وإننا نرى في هذا الوقت أن الغرب يُصدِّر لنا الكثير من العلوم المغلفة بقيم ومبادئ لا تتفق مع ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا، وتريد أن تزرعها بيننا وفي مجتمعاتنا. ولقد رأيناهم ينشرون فلسفة الكفر والإلحاد من خلال وسائل إعلامهم وأفلامهم، وتقديم ذلك لضعفاء النفوس والإيمان ويتغنون معه بالحرية، وكان هناك إقبال من أناس ضعيفي الإرادة والعزيمة وانحدروا معهم وانساقوا في تدهور مريع.

لقد رأينا كيف أن الأسرة الأوروبية انطفأت فيها قيم وعادات جعلتها مُتلبدة وباردة المشاعر منزوعة الإحساسن بالغيرة والأنفة ونبذ الرذائل، غير مستمسكة بأي قيم وأخلاق تحميها وتحصنها.

لذلك.. وجب علينا نحن المسلمين أن نتبع كل توجيه حكيم من قائد رشيد وعالم رباني فطن، يرشدنا إلى أهمية الأسرة ومكوناتها الأصيلة، وقيمها العُليا التي يجب المحافظة عليها والذود عنها بكل جهدنا، كي تظل مجتمعاتنا تحيا في أمن وأمان ورضا من الله.

الأكثر قراءة