يا حيف.. يا عرب

 

د. أحمد بن علي العمري

 

لاحظت وشاهدت بكل أسف وحسرة إقامة مُباراة فلسطين (بصفتها البلد المضيف) مع شقيقتها وجارتها الأردن، وهما شعبان في شعب واحد، وعينان لوجه واحد، ضمن تصفيات كأس العالم؛ حيث أقيمت المباراة في كوالالمبور بماليزيا، التي نكن لها كل التقدير والاحترام.

وهنا نقول: هل ضاقت الدنيا بما رحبت في الوطن العربي الواسع؟ وهل انسدت كل الأبواب وأغلقت كل الحلول ليُسافر بلدان شقيقان عربيان متجاوران كل هذه المسافات البعيدة ليلعبا مباراة كرة قدم وهما شقيقان ومتجاوران وتربطهما أواصر الأخوه والترابط الاجتماعي؟!

عجبي يا زمن.. إلى أين وصلنا وماذا نحن فاعلون ومن حولنا الكل يتنمر علينا وينهش فينا بلا رحمة ولا عطف ولا اعتبار ولا هوادة!

عندما نتكلم عن وطن عربي يمتد من سلطنة عُمان شرقًا (أول بلد تشرق عليه الشمس في الوطن العربي) إلى المملكة المغربية الشقيقة (آخر بلد تغرب فيه الشمس في الوطن العربي)، ولا يجد المنتخب الفلسطيني موقعًا في هذه البلاد الشاسعة ليُقيم عليه مباريات العودة أو مباريات الذهاب؛ فهذه مصيبة عظمى وجرح عميق.

الكل يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر سيطرة كاملة على الضفة الغربية؛ حيث لم يبق موضع قدم لإقامة الدولة الفلسطينية أو ما يسمى "حل الدولتين"، ضاربًا الاحتلال الغاشم ومستوطنيه بجميع بنود اتفاق أوسلو عرض الحائط، وأنه تمسكن حتى تمكن. حتى المبادرة العربية لم يعد لها قبول ولا حتى آذان تسمع لها من الطرف الإسرائيلي، وأيضا انتهاكات متواصلة لاتفاقية كامب ديفيد، وتراخٍ واضح في اتفاقية وادي عربة، ولهذه الأسباب فقد دُمِّرَت غزة وتعرضت لإبادة جماعية في ظل دعم أمريكي ومحاباة أوروبية، تزامنًا مع تلاشي حقوق الإنسان والعدالة الدولية.

نعم لقد سيطر الثلاثي الصهيوني نتنياهو وبن غفير وسوميرتش على الوضع وتجاهلوا كل المبادئ والقيم البشرية وكأنهم أسياد العالم، والغريب والعجيب أنهم يُعلنون وبوضوح ودون تردد أنهم دولة يهودية وينكرون على العرب والمسلمين أرض فلسطين المباركة.

من هنا بدأ غرس مفهوم "الإسلاموفوبيا"، فعندما يرتكب أي مجرم في أي مكان في العالم جريمة بمفرده ينظرون إلى جنسه وهويته، فإن كان عربيًا أو مسلمًا أعلنوا أنه "إرهاب إسلامي"، وإن كان المنفذ مسيحيًا أو يهوديًا أو من أي دين آخر يقولون إنه "سلوك فردي"، ولم نسمع عن إرهاب مسيحي، ولم نسمع عن إرهاب يهودي، على الرغم من الفظائع التي تُرتَكَب في فلسطين.

الكارثة العظمى أن البعض  منَّا- إن لم تكن الأغلبية- صدَّق وعاش الوضع بإتقان وتقمَّص الدور، وهنا أعود لموضوعي وأرجو وأدعو الاتحاد العُماني لكرة القدم، لمخاطبة شقيقه الفلسطيني بأن يعتبروا ملاعب عُمان ملاعبهم، وأن تُقام مباريات العودة أو مباريات الذهاب في عُمان، وإنني لعلى يقين تام بأنه لو كانت هناك مباراة تجمع المنتخب الفلسطيني مع شقيقه العماني، فإنَّ نصف الجمهور العُماني إن لم يكن أغلبهم سوف يشجعون المنتخب الفلسطيني تضامنًا.

هذا ما خُلقنا ونشأنا وترببينا عليه، وهذا ما تعلمناه من حكامنا آل بوسعيد الكرام.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.