صديقي الماعز!

 

 

عائض الأحمد

فيما مضى كانت أجمل أيام حياته تلك التي يقضيها بين قطيعه، لينقطع عن كل ما يُؤذيه ويُعكر صفوه، فقد كانت تلك "البهائم" أكثر من بعض البشر وفاءً وحبًا وطيبَ معشرٍ، لم تكن لتُظهر ما تُبطن أو تُخفي ما تعلم، أو تسعى بالنميمة بعد أن ينفض المرعى، ويتحدث أفراد القطيع في خلوة الذات، في زمن قلَّت فيه الحكمة وكأن "الردح" صفة بشرية تُظهر مدى ثقافتك وعلمك وانصافك!

الفضاء مفتوح ومن في الأرض يتسابقون في حرب الفائز فيها أكثرهم حسرة وندامة، في أحد الأيام. قال لي أحد أهم نجوم "السينما" في بداية ظهوري كانت تنهال عليَّ العروض موقعة ومرسلة بأسماء شركات فنية معروفة وكان أغلبها لا يخرج عن نشر المواقف الفردية وبناء صورة درامية، لشيطنة مجتمع كامل بجريرة جهل فرد،  ويندر أن تأخذ صفة رأي عام؛ فتنعدم أهميتها، ويصبح الظهور فيها كمن يرتدي معطفًا تحت الشمس، ليُقنعك بأنَّ وجهه البارد وأطرافه لم تعد تحمله وقد يحتاج إلى طبيب بيطري يُسعفه، أسوة بمن جعل من حكايته أسطورة تُروى في زمن القابض فيه على صمته كمتحدث "فاجر" يرمي كل من يعترض طريقه بأبشع الصفات وأقبح الروايات المنتقاة لعرضها كمنتج فاسد منتهي الصلاحية، يصيبك بأعراض التسمم قبل تناوله، فجل مكوناته مجهولة المصدر لا سند لها.

الجميع يستطيع الحديث خلف كل تلك الستائر، ومن يستطيع الصمت حتى يتبين مقدار جهل كل هؤلاء لينطق صدقاً ومعرفة بلغ بها أقصى درجات الإنصاف، وليس من يبحث عن أعلى مراحل الإسفاف ليرتقي "هبوطًا" غلب عليه ظنه البائس بالوصول، فكان الانحدار متجهاً نحو طريق مغلق نهايته ستعود به من حيث أتى، دون أن يحمل أكثر مما سمع وشاهد  والعاقبة للمسيئين.

ليس بيننا ملائكة ولن نشير للفضيلة بأصابعنا، وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة، ولن نأخذ عملًا "شاذًا" لنُسقطه على أمّة، ولن نصطاد "ثعلبًا" لوقوفه بعرين أسد.

ختامًا: الرأي ليس كتابًا أُنزل من السماء ولن يكن بلون واحد لا شية فيه.

شيء من ذاته: النسبية أقرب إلى الصدق، فلا تتشبث بالموضوعية، فيخذلك عنصر مفاجئ بشكل غير منظور، وينسف كل جهدك.

نقد: افعل ما تشاء دون أن تؤذي أحدًا، حتى نفسك.. فالحرية إيمانٌ وعملٌ.