المشاهد تزداد فلا تعتد!

 

منى بنت حمد البلوشية

منذ السابع من أكتوبر الماضي ومشاهد العنف وتساقط المئات من الشهداء والأشلاء التي تناثرت ما زالت تزداد، وصرخات الأمهات والثكالى والأطفال والشباب والمسنين، تحرق أفئدتنا وتُدميها ولا حِراك لها، ما أبشع هذه المشاهد التي نتابعها وكأنها أفلام رعب في سينما، وما أقساها من حرقة تشعرنا بتأنيب الضمير تجاه ما نُشاهد.

يؤسفني أن أشاهد الترندات التي تنتشر وانتشرت وأصبح البعض يستخدمها ويفتخر بإتقانها، وفي غزة وسائر فلسطين يحتاجون لها أكثر من ذي قبل فقد أصبح العطش والجوع  يجتاحهم ويهوي بهم، اليوم غزة تحتاجنا فقد طال عليها البلاء ونحن نشاهد المجازر كل يوم ويشهد الله علينا أننا ما اعتدنا دمعاتهم وصرخاتهم التي تنادي بأعلى أصواتهم لإيقاف هذه الحرب اللعينة منذ أن وِلدنا ومشاهدها تقض مضاجعنا.

ما أبشع منظر تلك الأكياس التي اختلطت بها أشلاء وأرواح الشهداء، وما أقبح مشهد الفرح الذي انقلب بعد ذلك إلى حزن، لذلك الأب الذي كان يستخرج شهادة ميلاد لأبنائه التوأم ليأتي ويجدهم شهداء مع والدتهم، ويستبدلها بشهادة وفاة، أين هي الروح التي تجعلنا نحن من يفرح وأخواننا هناك قلوبهم تكاد تخرج من الحناجر.

دعوني أخبركم بأننا كل يوم وبأيادينا السلاح الذي نقاتل فيه مع إخواننا بفلسطين ونحن في مواقعنا ومن أبرز هذه الأسلحة الدعاء الذي يُغير القدر فلا نستهين بالقوة التي أمدنا الله- عزّ وجل- وقد أمرنا به، وهناك سلاح المقاطة للشركات الداعمة التي ما زلنا على العهد ومقاطعين منذ ذلك اليوم الذي عاهدنا فيه أنفسنا بأن نقف مع إخواننا ونتخيل كيف كنَّا لا نعلم بأننا نمد القوة للكيان الصهويني به وكيف شعرنا بتأنيب الضمير ونحن لا نعلم كيف غفلنا عن هذه الأسلحة في السنوات الماضية، هناك أسلحة كثيرة يمكننا من خلالها أن نقف معهم ولو بشيء قليل وبشتى الطرق، ولا ننسى المداومة على المساهمة بالنشرعما يحدث في أرجاء فلسطين من تدمير وتجويع ومجازر وأرواح وشهداء بالمئات ترتقي أرواحهم لبارئها الذي هو أرحم بهم مما يحدث على أرضهم أرض غزة العزة.

ولطالما نستقي العِبر والحِكمة من أفواه الحكماء وكبار السن، إلا أن إخواننا في فلسطين تعلمنا منهم ما لم نكن نعلم وأيقظونا من غفلتنا وما زلنا في غفلة من أمرنا، وكل يوم يثبت لنا الغزيّ صموده وكفاحه وحفاظه على وطنه متمسكًا به رغم كل ما يحدث له من فقد وتجويع وعزل عن العالم ونزوح من مكان لمكان وهو يحمل أمتعته فوق ظهره ليُبرهن للعالم بأن أرضه هي الأمان رغم انعدامه بها وهي الطمأنينة رغم  الخوف الذي يرافقهم،  إلا أن أمانهم وطمأنينتهم منبعثة من القوة الإلهية التي يبعثها الله تعالى إلى قلوبهم ليطمئنهم بأنَّه الواحد الأحد القادر على كل شيء يحدث لهم وسيأتي لا محالة اليوم المنتظر من التحرير.

لذلك.. انصُر غزة بكل ما تستطيع حتى لا يأتي اليوم الذي تجد نفسك فيه وكأنَّك  قد خذلتها من أبسط ما تستطيع فعله، فلا تعتد، فالمشاهد كل يوم تزداد، ولنجعل من هذا العالم كل صباح وكأنه السابع من أكتوبر من جديد ولنستنفر كل قوانا للحديث والمساهمة عما يحدث في فلسطين فلا تعتد فما زالت فلسطين تحتاج لنا وتنادينا.

تعليق عبر الفيس بوك