البارحة.. وحلمي الثاني!

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

لعلي أبدأ بعلمي قبل حلمي، ولعلي في يقين العارفين لما يجعلني واحدًا من المتأملين في عظمة الخالق عزَّ وجلَّ، وإيماني المطلق بأن معجزة الطقس في محافظة ظفار من أمطار وإخضرار في سهولها وجبالها؛ مما يجعلها شتاءً لطيفًا خلال قائظة الصيف في مُعظم المناطق الأخرى، إنما جل ذلك هدية ربانية واستجابة لدعاء ولي من أوليائه الصالحين والحمدلله رب العالمين.

كان حلمي السابق في مسقط والجبل الأخضر نشرته الرؤية رائدة الفكر الوطني الخالص وهذا الحلم الثاني في ظفار، عسى أن يجد طريقًا للتفسير في يومٍ من الأيام.

الصعوبة أنَّ الحلم طويل جدًا على الرغم من أنه علميًا يوصف الحلم بأنه لجزء من الثانية ولعل ذلك مؤشرًا قويًا وصريحًا في التفسير أن الحلم مهما ولد صغيرًا يمكن أن يكون أمرًا عظيمًا إذا وُلِدَ في مناخ يقبل الحلم البعيد وسقف الأمل الأبعد ويحوله إلى حقيقة وهذا الأمر مفتاح كل نجاح وحقيقة الحضارات التي قرأنا عنها في تاريخ البشرية.

سأختصر حلمي اليوم زمانًا ومكانًا ولعل للزمان والمكان مسوغًا فكريًا وأدبيًا وأخلاقيًا في حقوق الأجيال ولعل من سيقوم بتفسيره وتحويله إلى واقع يجد أمامه يوم الحساب أرقامًا فلكية من الخير العميم لأنَّ ما سؤضحه يحسب من أفضل الصدقات الجارية على الإطلاق.

حلمت أنَّ الأرض المُتبقية في صحلنوت مهددة وبقوة من استغلال التوسع العمراني الذي سينهي ما تبقى من متنفس حقيقي للأسر وإقامة المشاريع العملاقة في صلالة وبذلك سينتهي واحد من أفضل أسباب زيارة صلالة والاستمتاع بربيعها الرائع ولقد دلني حلمي على أمر سيكون بمثابة أفق تاريخي لن يُعيد توازن التوزيع السياحي وحسب وإنما سيكون أيقونة صلالة بل عمان بأسرها وهو بناء بركة مياه عملاقة في وسط الفلج الذي يتدفق من عين أرزات على أن ينقل الماء في أنبوب ضخم بانسياب قليل ومناسب مدروس ولأن زاوية الانحدار ما بين المنبع والبركة المقترحة لن تكون أقل من مئة متر فإنِّه وبدون ضخ وبشكل طبيعي جدًا يمكن إقامة شلال دائم وطبيعي يسقط حرًا في البحيرة فيملأها ويتدفق من الجانب الآخر كأن شيئًا لم يكن وليس على حساب المزارع التي يرويها سابقًا.

البحيرة ليست بأقل من قطر واحد كيلومتر، تكون مرتعًا للطيور المهاجرة والبط والأوز والقوارب؛ بل والأسماك لتوازن الطبيعة.

أما وبم حلمت ما هو حولها، فإني رأيتُ انتقال العالم كله ليستمتع بالجلسات الراقية الغالية منها والرخيصة.. رأيت الفنانين والمبدعين والفعاليات وألعاب الأطفال، إما بمسافة مناسبة فيوجد الفنادق والشقق والطرق الدائرية المنظمة والواسعة وعلى ضفاف الوادي من جهة الشرق والذي بني فيه سد صغير وحوله إنشاءات رائعة تحول أنظار العالم إلى صلالة وإلى عمان بشكلٍ عام.

أما وخلال الحلم العابر فرأيت طريقًا في آخر وادي دربات يصعد بطريقة هندسية راقية إلى أعلى الجبل ولم يعد الطريق السابق ذا اتجاهين، إنما للدخول فقط.

الطريق الجديد نعم مُكلف ولكنه فتح آفاقاً لا تقدر بثمن حيث إنه صمم ليكون به مواقف ومقاهٍ وجلسات تطل على وادي دربات بشكل خاص والبحر وصلالة بشكل عام والجبال المحيطة.

هذا الحلم ليس بالضرورة أن ينتظر التمويل من الحكومة لأنَّ أي حكومة على وجه الأرض لا تستطيع أن تؤمن المشاريع المربحة في وقت قصير غير أنَّ فكر الاستثمار وبعقول واعية محبة مجربة وبأسعار معقولة وتصميم أولادنا من خلال مسابقة مجزية يمكن أن نرى هذا الحلم حقيقة وفي العام المقبل، وبذلك نحقق أمرًا كبيرًا يمكن أن يزيد من خلاله السياح إلى الضعف؛ بل أن يكون وجهة الفنانين والمبدعين وهواة المستويات الراقية البعيدة النظر.