أبناء الشمس (٣)

 

مُزنة المسافر

ركض غييرمو حين اكتشف أصحابه هيامه بالجارة الجديدة، ولاحقوا حروفه غير المألوفة بين حنايا لسانه، الذي بات يتهجأ كلماتٍ عنيدة وأحياناً فريدة لم تكن في أي قاموس قديم. 

إنه يكتب بعد المدرسة، ويكتب في المنزل.، وقرب إسطبلات الأحصنة، وفي الحقل الكبير الذي يعرف السنابل الذهبية وبذور دوار الشمس المنثورة في كل حفرة. 

يكتب غييرمو حروفاً غير مألوفة، يكتب غراماً شديداً وعذاباً عظيماً، يوده أن يلتهم قلبه بأكمله، كوحش سكن مخيلة الأجداد في الماضي. 

تعال نلعب الغميضة، ونختبأ خلف البراميل، ولن نجد الأزاميل التي ستكسر جعبتك من جديد لتكتب شيئاً ما. 

اترك الكلمات وشأنها تذهب مع كل مغيب، ولا تفكر في سيلفانا.. هل ستتعقب رسائلك إن سقطت من ثقب في حقيبة ساعي البريد، وهل ستبحث عنك، أو عن حروفك المبعثرة.

ماذا عن ترتيبك للكلام؟ هل ستحرك مشاعرها، وتدرك خطوات كعب رجلها. وهل ستلحقها في كل ذهاب وإياب. 

إنها ربما بين الأحباب.. فهل ستعوم أنت لوحدك في قلبها عوماً جميلاً يشبه عوم البط والإوز. 

إنها تسبح في بركة الطيور تلك ولا تأبه أن يراها أحد وهي تطفو وتغفو غفواً مطولاً، إنها تطيل الوقت وهو قصير لأن الشمس وأبناء الشمس ممن يجمعون الأزهار في الحقول يرجعون للبيوت والمنازل والأكواخ والمساكن. 

وستحلق الطيور للأعشاش والأحراش وإلى الغابة العتيقة، وستكون بين الجذوع التي تبكي المطاط، وقد تعود، لكن في موسم آخر؟ 

لتسأل عن سيلفانا التي نامت مواسم كثيرة.. ماذا تفعل في تلك البركة؟ هل ستستفيق؟ 

مع كل حركة يقوم بها غييرمو حين يود رؤيتها بعد غيابات متكررة وطفو صعب؟ هل جسدها الصلب يقدر أن يتحرك من البركة إلى النهر؟ وهل ستحملها الأيام إلى هناك، ولا يراها غييرمو. 

إن قلبه الذي يميل يحيل لشوقه الكبير لها وأنه يود رؤيتها وقلبها ينبض نبضاً قوياً، فهل ستراها يا غييرمو اليوم أم الليلة؟

تعليق عبر الفيس بوك