العشر الأواخر من رمضان

 

د. خالد بن علي الخوالدي

نعيش نفحات وروحانيات العشر الأواخر من شهر رمضان المُبارك، لم يتبق إلّا أيام قليلة لهذا الضيف المُبارك الذي يأتي ويرحل بصورة سريعة، قبل أيام قلنا أهلًا بشهر الصوم وتبادلنا التهاني والتبريكات وها هو ضيفنا عجولًا كعادته، فأكرموه قبل الرحيل وأكثروا فيه من العمل الصالح الذي ينفعكم في دنياكم وآخرتكم.

شهر رمضان المُبارك يُمثل دورة تدريبية واقعية، فخلال هذا الشهر الفضيل نتدرب على الصبر والعطاء والتسامح والعفو والصفح والغفران والصدقة وملازمة قراءة القرآن والصلاة وقيام الليل والذكر وغيرها من الأعمال الصالحة، وطالما تعودنا على هذه الأعمال التي تقربنا إلى الله زلفى فلماذا لا نُواصل عليها في بقية الشهور؟ لقد تعودنا فلماذا التفريط وهدم كل ما تحقق بمجرد انتهاء الشهر الفضيل.

وأهم قيمة وخلق يعلمنا إياه الصيام هو الصبر، والصبر صبر على الطاعة وصبر عن المعصية وصبر على مشاق الحياة المُختلفة والابتلاءات وغيرها. والصبر فضيلة لا يستطيع تحملها إلا فئات محدودة من البشر لذا أجره عظيم وثوابه جزيل فقد جعل الله ثواب وأجر الصابرين مفتوح حيث قال المولى سبحانه "إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (الزمر:10) اغتنموا هذا الأجر الكبير واصبروا على زوجكم وأولادكم وإخوانكم وأحبابكم واصبروا على المرض وعلى متاعب الحياة تفلحوا.

والصبر عن شهوة الطعام من أهم الرسائل الإيمانية التي نتعلمها من صيام شهر رمضان المبارك، وفي هذه النقطة بالتحديد يُخالف البعض الهدي النبوي الشريف حيث نجد أن البعض تعود الاهتمام ببطنه في هذا الشهر الفضيل فلا يعجبه إذا كانت سفرة الطعام عند الفطور قصيرة وليس بها أصناف متنوعة من المأكولات والمشروبات، والأدهى والأمر أنه بدل لا يقول شكرا وما قصرتوا ينتقد هذا الصنف ويذم تلك الطبخة ويتأفف ويتنازع ويعلو صوته وقد توصل الأمور إلى المشادة الكلامية، ومن خلال هذه الرسالة القصيرة نقول هون على نفسك أيها الصائم الكريم وقدم الشكر والثناء وكلمات اللطف والمحبة لمن جهز لك الفطور واحمد الله على نعمه فهناك أسر كثيرة قد لا تجد ما تفطر به بينما قد ترمون أصناف وأصناف في حاوية القمامة.

وبما أننا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المُبارك والتي يتحرى الصائمون فيها ليلة القدر التي تعد خير من ألف شهر، وفضلها معروف، فعلينا جميعًا قيامها وحث أهلنا عليها وتحبيبهم في فضائلها، ونأسف كل الأسف لفئات من النَّاس التي تتحرى الأسواق والمراكز التجارية وعلى ضوء ذلك نرى الزحمة والطوابير الطويلة في كل مكان.

رسالتي الأخيرة هي استغلال الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بالصدقة وتلمس حاجة أقاربكم وإخوانكم وأهلكم، فربما يعانون من قصور في جانب معين فنحن على أبواب العيد السعيد، أنشروا الفرحة والسعادة في وجوههم ووجوه أطفالهم، ساعدوهم قدر الإمكان وتصدقوا عليهم بما تملكون من مال الله، ولا تذهبوا بعيدًا بصدقاتكم؛ فالقريب أجره مضاعف، فهي صدقة وصلة، بينما للبعيد صدقة فقط، تقبل الله منكم صيامكم وقيامكم وصالحات أعمالكم، وكل عام وأنتم بخير.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.