آفاق العملة الخليجية الموحدة

 

علي حبيب اللواتي

وقَّعت كل من إيران وروسيا اتفاقًا يهدف إلى استبدال الدولار الأمريكي بعملتيهما المحليتين في التعاملات التجارية بين البلدين، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن وسائل إعلام رسمية إيرانية، وأضافت الوكالة أن الاتفاق جرى توقيعه خلال اجتماع بين محافظي البنكين المركزيين للبلدين في روسيا.

 

وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية فإنه "يمكن للبنوك والجهات الاقتصادية الفاعلة الآن استخدام البنى التحتية بما في ذلك الأنظمة المصرفية الداخلية بين البنوك، دون الحاجة إلى استخدام نظام جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت)، للتعامل بالعملات المحلية".

 

ومنذ عدة شهور وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقاً مشابهاً مع جمهورية الصين الشعبية. الواضح أن أعضاء تحالف "بريكس" يتحركون في هذه المرحلة لتوقيع اتفاقيات متبادلة بتمكين التبادل التجاري بينهم بالعملات المحلية الوطنية.

لكن.. ماذا يعني ذلك؟

أولًا أن تلك الدول تتمكن من تطوير علاقاتها التجارية بحُريَّة، بعيدًا من العقوبات الأحادية الأمريكية التي ليس لها سند قانوني إنما هي مجرد هيمنة تفرض على الدولة التي لا تتماشى مع التوجهات الأمريكية.

كما إن هذا الإجراء يعزز من قيمة تلك العملات المحلية ويحافظ على ثباتها وعدم تأثرها. وفي هذا الإطار، فإننا نرى أن إصدار العملة الخليجية الموحدة قد بات الآن في غاية الأهمية، خاصة وسط التكتلات الاقتصادية المنتشرة في العالم كالاتحاد الأوروبي بعملته اليورو. والعملة الخليجية الموحدة يمكن استخدامها؛ كمرحلة أولى في جميع التعاملات التجارية وتشمل أيضًا بيع النفط والغاز من خلالها، وهذا الإجراء سيساهم في ثبات قيمة العملة الخليجية وعدم تأثرها بمتغيرات سعر الدولار.

وهنا نسأل ما الفوائد التي ستجنيها منظومة التعاون الخليجي في حالة تم اعتماد إصدار عملة موحدة رديفة للعملات المحلية؟

بلا شك هناك العديد من النتائج الإيجابية التي يمكن أن تتحقق، استعرض بعضًا منها:

1. العملة الخليجية تتحول إلى عملة عالمية يسهُل تداولها عالميًا.

2. تعزيز وزيادة معدل مستوى التجارة البينية في دول الخليج.

3. تسهيل انتقال رؤوس الأموال المحلية والأجنبية والاستثمارات بين دول الخليج.

4. تعزيز موقف منظومة دول الخليج لتنفيذ الصفقات التجارية الجماعية الموحدة.

5. التأسيس لكيان مالي خليجي على المستوى العالمي يسهل عليها تحقيق طفرات اقتصادية مستقبلًا.

6. رفع تصنيف دول الخليج إلى الدرجة الممتازة بفضل الوفرة المالية التي ستتحقق لاقتصاديات دول الخليج.

7. تحوُّل كل مبيعات النفط والغاز الخليجي بالعملة الموحدة، وهو ما سيؤدي إلى ثبات وقوة ومتانة العملة الجديدة.

8. سيتجنب المتعاملون والمستثمرون دفع رسوم تغيير وتبديل العملة عند نقل الأموال من دولة خليجية إلى أخرى.

9. مع مرور الزمن سيساهم ذلك في تحول الاقتصاديات الخليجية من المنافسة إلى التكاملية فيما بينها.

10. تحول دول الخليج إلى كتلة مالية موحدة يمكنها أن تواجه التكتلات الاقتصادية العالمية باقتدار.

11. إضفاء صفة العالمية على العملة الموحدة، مع رغبة العالم في الاحتفاظ بها كاستثمار بالعملات كما هو الحال مع بقية العملات الدولية الأخرى.

12. تسهيل المسارات الاقتصادية وحركة النقل ورسوم الجمارك وتبادل الخدمات.

13. تسهيل انتقال القوى البشرية الخليجية بين دول الخليج بعد بدء بتطبيق نظام معاملة موحدة لمواطني مجلس التعاون عند التوظيف والتقاعد.

14. تسهيل توقيع المعاهدات والاتفاقات الاقتصادية الدولية مع دول الخليج.

ونلاحظ أن هناك توجهًا كبيرًا لتقوية مظلة مجلس التعاون في جميع المجالات، فقد تم اعتماد مشروع التأشيرة الموحدة التي تسهل حرية تنقل الأجانب بسهولة في ربوع بلدان الخليج؛ مما سيساعد في تنشيط اقتصادياتها وتنشيط أسواقها والتجارة البينية بينها.

وهناك اتفاقية أبرمت سابقًا بين 4 دول خليجية؛ هي: السعودية والكويت والبحرين وقطر لإنشاء الاتحاد النقدي الذي يتضمن إيجاد عملة موحدة، إضافة الى إنشاء مجلس النقد الخليجي ومقره الرياض، والتحضيرات الأولية لإصدار العملة الموحدة، أصبحت شبه جاهزة، ويُنتظر تنفيذ المشروع قرار هذه الدول للمضي قدمًا في إصدارها.

هذا إلى جانب عدة مشاريع ستتبع إصدار العملة الخليجية الموحدة، في إطار الوحدة الاقتصادية، مثل: إنشاء السوق الخليجية المشتركة، وتنفيذ ضوابط الاتحاد الجمركي الموحد، وتفعيل فتح أسواق العمل والمعاملة الوطنية والتنقل بحريّة بين دول المجلس وأن تحظى بمعاملة العمالة الوطنية في كل دولة.

إنَّ مجموع هذه المشاريع الأساسية سيمثل مرحلة تكامل جديدة ونقلة نوعية لجميع دول الخليج. إنه حلم كل مجتمعات وأبناء الخليج؛ فالجميع ينتظر خطوات تحقيق هذا الحلم المنشود.

الأكثر قراءة