سارة البريكية
مرّ عام آخر، حدث آخر، أمل آخر، ونجاح جديد، مرّ صيف وشتاء وخريف وربيع وفصول أخرى، مرّ عمرّ آخر، وحياة أخرى، ورحيل متتالٍ، مرّت وجوه ومضت ووجوه وبقيت ومرّ من كان غريبًا وأصبح حبيبًا، وذهب الحبيب وبقي الغريب، وتتوالى المشاهد وتتكرر الأحداث وتمضي السنون وتتعاقب التفاصيل.
أما عن التفاؤل فهو هنا رغم الخيبات الكثيرة ورغم العثرات ورغم الأحقاد ورغم الخيانات التي نتعرض لها، ورغم المحيطين الذين كانوا يُظهرون أنهم معنا وقلوبهم معنا، إلّا أن سكين غدرهم تكشّفت، وأقنعتهم تلاشت ورياح بؤسهم هبّت، فحان موعد هجرانهم، وحان موعد كتابة عقد جديد لا يشُوبه النفاق ولا يملؤه الملل والإخفاقات.
عندما يمرّ عام فإننا نستذكر ما حدث وما مرّ بنا في العام الماضي وقد تكون الانتصارات التي حققناها هي أكبر من الخيبات التي مرّت لكننا في كل فصل نترقب الجديد وفي كل نجاح ننتصر به نرى في وجوه الآخرين الذين يريدون لنا التخاذل ويريدون البقاء في الواجهة والحزن.
بطريقة أو بأخرى فإن درب النجاح طويل وإن الإرادة الكبيرة التي نتحلى بها باقية وإننا خلقنا لننجز ولنتحدى ولننجح ولننسى العثرات التي كانت دائما ما تعيق مسيرة البناء والتقدم.
تمرّ الذكريات ولا نقف عليها لكن ينتابنا الحزن عندما نعي تماما أن من كان يشاركنا تلك الذكريات قد مات وأنه لم يعد بيننا فكل منا قد فقد شخصاً يحبه ولكن الحياة تستمرّ وكلما مرّ عام قد يمرّ مختلفا وناقصا رغم التقدم الذي يحدث في المحيط حولنا فرحمة الله على من رحلوا والسلام لأرواحهم والبقاء لله وحده.
لم تكن المرّة الأولى التي أرى أنه قد استغني عني رغم أنني لم أقصر بشيء ولكن الإنسان الناجح الذي يسرق الأضواء أينما حلّ وذهب، هو محارب من أقرب الناس ومحارب من كل المقربين منه لا؛ بل دائمًا ما يتمنون انتهاء بريقه. وهذا إن دل فهو يدل على نجاحه، في حين أن محاربي النجاح كثر، فيجب أن لا نكترث لمثل هؤلاء ولا نهتم؛ فالرزق بيد الله وحده؛ والله وحده فقط قادر أن يغنينا عنهم؛ وأن يفتح لنا مجالات جديدة وعوالم أرحب؛ ومبادرات وأعمال جديدة؛ وأن لا نفقد الأمل؛ وإن شاء الله القادم أفضل بكثير.
إن مرور الأعوام وتعاقب الأحداث وتغيُّر الأحوال من حال إلى حال، هو من مجريات الحياة وسنة القدر؛ فهكذا تمرّ الأقدار ولا نملك أن نتدخل في أمر كتبه الله، ولكن علينا أن نبادر، علينا أن نعمل، علينا أن نجتهد، وأن لا نتوقف، وإن حدث أمر صعب يجب علينا أن نتحدى ذلك، وأن نناضل ونجتهد، وأن نعمل بشغف وبحب وتكاتف لننتصر، فإن نصر الله قريب. وتأكد أنك لم تُخلق عبثًا، وانك موجود في هذه الحياة لتؤدي رسالة خاصة بك، وأن تكون مؤثرًا وفعالًا، وأن لا تكون شخصًا سيئًا وخاليًا من المسؤولية، أو اتكاليًا ومحبطًا، ولا أن تكون شخصًا لا يفكر بعقلانية ولا يكترث لعواقب الأمور، ويجب أن لا تأخذك العاطفة بعيدًا، فكِّر وحكِّم عقلك وتريث، ثم حدِّد مسارك؛ فالحياة تحتاج إلى قوة ومواصلة، والسعي فيها يحتاج الى تفاؤل، فكن شخصًا إيجابيًا ومتفائلًا ومجتهدًا، وكل ما عليك هو أن تمضي قُدمًا وأن لا تنظر للخلف، فما مضى قد مضى، وما حدث قد حدث، انسْ وتجاوز وعش بحب وأمل؛ فبالأمل نواصل المسير، والأمل في الله كبير، وهو نعم المولى ونعم المصير.