كفاءات وطنية

 

 

سارة البريكية

Sara_albreiki@hotmail.com

هي قلوب سعت للخير، وقامت ونشأت على الخير، وقدمته بكل ما تملك من عطاء وحب وإنسانية وصفاء سريرة، قدمت الجميل وحاولت أن تقدم الأجمل بكل اقتدار وطاقة، فهي منذ الصغر نشأت على حب الوطن، زرعت البذرة وسقتها يوما بعد يوم، وجابهت كل متغيرات الظروف الجوية والحياتية لكي تكبر تلك البذرة وتنمو بدون منغصات أو انقطاع إلى العلا دوما، فكانت الشعلة الوقادة والأم الرؤوم والحياة السعيدة والأمل المتجدد.

هكذا نرى نماذج مشرفة خدمت هذا الوطن وقدمت الكثير، ولم تبخل على وطنها بشيء، سواء كان فعلا أو قولا أو عملا خالصا؛ فكان لها السبق في الوصول لقلوب ومشاعر كل من لامسها بصدق وكل من أصدقها القول والفعل والعمل.

إنَّ الأمم تقاس بهمم أفرادها ذكرا كان أم أنثى، فكلٌّ في ميدانه وكلٌّ يؤدي عمله بأخلص ما عنده من طاقة واحترام وحب متبادل، فالعمل لا ينجز إلا بحب، والحب لا يكتمل إلا بوجود الطريق الصحيح لتقويته، والبناء الصحيح أيضا لا يكتمل إلا بجهود حثيثة تعمل ليل نهار لإنجاز ما أوكل لها وأن تقوم به عن حب.

إنَّ السعي الدائم لخدمة هذا الوطن منذ الصغر هو الطريق السليم الذي تسلكه أغلب الكفاءات الوطنية التي كان وجودها مصدرًا للطاقة والإنتاجية، وارتبط اسمها بعُمان، حاضرة كانت أم غائبة، فهناك كفاءات يُشار إليها بالبنان، وهناك كفاءات أيضا تعمل بصمت لم تلقَ نصيبا من الاحتفاء إلا من المحيطين بها، وكان علينا أن نقدِّم لهم كلمة شكر عميقة؛ سواء عرفناهم عن قرب أم لم نعرفهم، وهذا أمر يحدث؛ فكل الطاقات التي تبني كبيرة وكثيرة، ولا يمكن حصرها في قالب معين، ففي السلك العسكري هناك كفاءات كثيرة، والمجال الطبي والتعليمي والهندسي والزراعي والعمل الميداني والأعمال التطوعية، وأصغر عامل في الشارع يحمل المخلفات التي رُميت والتي كان تراكمها أمرًا ليس بحضاري وغير مسؤول من بعض العقليات التي لا تفكر في العواقب لتأتي وترمي تلك المخلفات، فيأتي ذلك العامل وينحني في الشارع وفي الشمس الحارقة لينظف المكان، مثل ذلك ترفع له القبعة، قد نكون لا نعرفهم، لكننا نراهم باستمرار، وقد يكون مرورنا عليهم سريعا لكنهم يعملون بجد واجتهاد ليحافظوا على البيئة العمانية جميلة ونظيفة ومرتبة، لتعكس صورة لكل مقيم وزائر أنَّ بلادنا مرآتنا، وأن هناك من يعمل ليل نهار في كل المجالات جوا وبحرا وبرا لخدمة أرضنا.

إنَّ الضوء يجب أن يُسلط أمثال هؤلاء، ويجب أن تكون هناك لجنة خاصة عملها الرئيسي هو إيجاد تلك الكفاءات الوطنية وتكريمها والاحتفاء بها ليكون هناك نوع من ضخ الدماء وتشجيعها على العطاء والبذل أكثر، فما أجمل أن يكرم المرء في مجاله الذي أبدع فيه، وما أجمل أن يأتي التكريم من بلده ومن سلطانه، فهذه الكفاءات جميعها تستحق أن نراها على منصات التكريم الآن وليس بعد مماتها، هذا إن ذكرها أحد بعد ذلك. فتقديم الشكر لله أولا، ومن ثم للذين يبذلون وقتهم وجهودهم وأفكارهم وعطاءهم وأعمارهم وطاقاتهم الإنتاجية في سبيل بناء الوطن.

إنَّ الشعوب التي تسعى للعمل المخلص، والذين يكون نصب أعينهم الوطن وخدمته وتقديم كل ما من شأنه رفعته وتمثيله في مختلف المحافل والمناسبات ومختلف الظروف الاستثنائية، كان للوطن حق تقديم الشكر والعرفان لهم ولقلوبهم وعقولهم وطاقاتهم وجميع إمكانياتهم التي تم تسخيرها لرفعة اسم عُمان عاليا، ولتمثيل الشعب العماني ولإيصال كلمة حق كان صداها يتردَّد في كل سانحة، لتظل تلك الكفاءات يُشار إليها بالبنان.