تعلمت ولم أجهل

عائض الأحمد

تعلمت منها أن لا أجعل الأشخاص محورا لحياتي فتتلاشى أيام سعادتي وتقترن بهم، وتعلمت أن لا أبخل بأي شيء يشعرني بوجودي حتى لو كان ثمنه أنا، ثم تعلمت أن استقي وأسقي وكل من حولي يدعون علي.

فهمت أن ساعات الفرح قصيرة جدا، فاغتنهما ولا تجعل منها أهدافاً حتمية حتى تستمع بتفاصيلها، ثم تذكرت أن الدنيا تأخذ منك وتعطيك وأنت خصمها وحكماً إن شئت.

وقفت على الأطلال وعلمت أن الحب لن يتكرر مهما فعلت، فحينما تهب قلبك صادقا فلن يعود بدون حبك الأول.

لا تقسم ولا تقدم على المتردية ثم تنتظر أن لا يأكل السبع معك.

وعلمت أن أبغض الأفعال الصدق في حضور منافق والإنفاق مع بخيل. ولن أنسى يوم أشفقت على أسوأ الناس وحلمت عليه فأتاني يشكو ظلم كل هذا.

وكنت أخشى القسوة فندمت على أيام حلمي، وكأنه تفسير ضعف في حضرة أغبياء.

كان مرادي ابتسامة يعلوها حب، فكانت دموع يسبقها الألم، هذه معه وهذي لي.

ثم تآمر علي الوقت والسجان، فلن يعود سلطانك وأنت رهينة خلف قضبان صنعتها بنفسك وتطلب من الآخرين إزالتها.

وتعلمت أن النهايات ليست بالضرورة أن تكون سعيدة في جوهرها.

وعلمت بعد حين أن الثقة في عابر السبيل خطأ لن تصلحه، ولن تندم عليه ولو عاد لعادت الشهامة والحق المكتسب، وهي فلسفة آنية لأفعال لم تكن مُستحقة ولم تكن بذات العفوية في حينها. 

ثم أقررت بأن القدر خارج إطار النقد وليس مقترنًا بنتائج أفعالك في كل حالاتك.

ثم أقسمت على نفسي أن أبقى ما تبقى من أيامي بهدوء، ولن أحمل في صدري حقدًا أو حسدًا، ولن أكون ملاكًا، ولكن سأذكرها دائمًا بأن الحياة إلى فناء.