بين رواية "الشيخ الأبيض" ومسرحية "سدرة الشيخ"

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

شاهدتُ مسرحية "سدرة الشيخ" التي عُرضت يوم الثلاثاء الماضي على خشبة مسرح أوبار بالمديرية العامة للتراث بمُحافظة ظفار بعد أن حصدت مؤخرا جائزتين في التمثيل والمؤثرات الصوتية حين عرضت في مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي.

استلهم المسرحي القدير الدكتور عماد الشنفري مسرحيته "سدرة الشيخ" من الرواية الشهيرة التي ترجمت لعدة لغات "الشيخ الأبيض" للشيخ الدكتور سلطان القاسمي.

الشيخ الأبيض أو سدرة الشيخ، قصة واقعية نُسجت خيوطها في بداية القرن التاسع عشر في ظفار تحديدًا بداية العام 1806م، وبالرغم من عدم توفر الوثائق التأريخية الدقيقة عن تلك الحقبة من الزمن في ظفار تحديدًا، إلّا أن الفضل كل الفضل للشيخ الدكتور القاسمي المثقف والكاتب العربي وراعي الثقافة والمبدعين العرب الذي أصدر لنا هذه الرواية في عام 1996، بعد جهد واضح ومشكور منه؛ حيث تجشم عناء السفر خصيصًا الى مدينة "سيلم" الأمريكية وزار الجزء المتبقي من بلدة بطل الرواية الأمريكي "عبد الله" أو "جوهانس بول" اسمه الأصلي أو الشيخ الأبيض بطل الرواية أو بطل مسرحية سدرة الشيخ، وعثر على أحفاده في ظفار والتي عرف فيها محلياً باسم عبد الله المسلماني وهذا نظرًا على ما يبدو لأنه لم يكن مسلمًا بالولادة.

عرض لنا الدكتور عماد وشباب فرقة صلالة للفنون المسرحية هذه المسرحية هذه المرة في عقر دار أحداثها التاريخية؛ ظفار، وأبهرونا بالفعل تمثيلًا وأداءً ومؤثرات صوتية وبصرية، في منتهى التعبير عن تلك الحقبة التاريخية من الزمن الظفاري، وقد رعى وحضر العرض صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، ورئيس المسرح بإمارة الشارقة، وجمهور غفير امتلأ بهم مسرح أوبار، وتفاعلوا مع المسرحية أيُّما تفاعل.

هذا خير دليل على أن جمهورنا المسرحي ليس كما يوصف به زورًا أنه يفضل الأعمال الساخرة والفكاهية فقط؛ بل أثبتوا عمليًا عكس ذلك تمامًا، وجاؤا لحضور عمل مسرحي بعيد جدًا عن الفكاهة والسخرية، وهنا نقول إنِّه على الجادين من مسرحيِّينا أن يجتهدوا ليقدموا لهم ذلك؛ فالكثير منهم على استعداد ليُقبِلوا عليه بشوق وحب..

شكرًا لجمهورنا المسرحي.. جمهور "أبو الفنون" بلا منازع.