المُتمرد

 

عائض الأحمد

من أكثر النَّاس لهوًا وأشدهم إفراطًا وأكثرهم تمسكًا بما يراه ويمليه عليه هواه، ذلك الذي يظُن نفسه الناصح الأمين وبمنزلة "الراشدين" وأمير الضعفاء ورسول الرحمة، يُستَنصَر به أينما حل، شخصية ساذجة لها وجه واحد يعرفه الجميع، لكنه أغبى من أن يعلم أنَّه مكشوف حد الشفافية لمن يتعامل معه!

يعتقد هذا الشخص أنه يُخفي ما يُبطن، يبتسم بسخرية المنتصر وهو يذوق مُر الهزيمة، دون أن يشعر، يُفتى في كل شيء، يعلم شؤونك الأسرية ويبحث في علوم الفضاء، بعد أن يقصي كل من في الأرض جميعًا، سياسي اقتصادي رياضي "بهلوان" العصر، مجموعة إنسان لديه مشكلة في "إعداداته"، يطرح المقسوم، ويقسم زورًا ليُقنع المجانين دون أن يرف طرفه أو يشغله مآل أفعاله. إن شاهدته يومًا فاعلم أن أهم صفاته كثرة الأنا ورفع الصوت، وعلم الجينات آخر أبحاثه، يصل بك إلى أبعد نقطة ثم يذهب دون أن يدفع "حساب" الشاي أو القهوة، فالح.. صالح.. قاسم، اختر ما شئت، فهو بالتأكيد أحدهم!

إقباله كإدباره، يبيع كل شيء ويشتري شيئاً واحدا، هو زخرف القول ورَث العمل!

قدم الكثير ولم يجد سوى القليل، مكسور الجناح اعتقادًا منه بأنه يطير وهو لم يبرح مكانه، جُل معرفته جدال لا ينتهي، وسابقها أن لديه إثبات على استدارة الأرض أخفاه العلماء؛ لأنَّ رحلات الطيران ستُصاب بكساد كبير جدًا في ظل الظروف المناخية المتغيرة حسب وكالات الأنباء المنقرضة وعلماء المياه الآسنة، والفكر المنحدر على أرض زلقة في غابات مشاعره الراكدة حد الفيضان.

في أحد أيامه الرائعة حسب وصفه، تم منحه وسام الدرجة الثالثة عشرة بعد المئة، تكريمًا له على أعماله الإنسانية والأدبية، وهو بالكاد يفرق بين "الطاء والظاء"، ولعله كما يقول "الفساد الذي أصاب وزارة الصحة حينما فقد إحدى نواجذه بمرافقها، وانتقل إلى التعليم على يدي معلمه الجاهل في صفوفه الأولى فتدارك كل هذا وأنشأ دار الفضيلة فيما يستحسنه الرعية".

ختامًا.. لو لم تكن هكذا، ما اختلفت الدرجات أو صعد أحدهم. أقبلها لتقبلك؛ فالبحث في أكوام النفايات ليس له علاقة بسلامة المنتج، المؤكد أن المستهلك يعيش رفاهية لم يعِ حدودها.

شيء من ذاته: يبحث عن مأوى في وسط العاصفة، حينما تجاهل معنى الحذر.