بين بيروت والأشخرة

 

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

aha.1970@hotmail.com

تتشابه بعض أسماء مدننا العربية، خاصة المطلة على بحر العرب والخليج العربي وشرقي البحر المتوسط؛ فهناك بيروت العمانية بولاية صور وفق المصادر التاريخية والتي انطوى ذكرها إلا بين السكان المحليين وبيروت عاصمة الدولة اللبنانية، وأيضًا بذات المسمى صور اللبنانية وصور العمانية، وجبيل بالمملكة العربية السعودية وجبيل اللبنانية، وطرابلس الشرق في لبنان عاصمة الفينيقيين آنذاك، وطرابلس الغرب في ليبيا في المغرب العربي، وفي الألقاب فيحاء عمان سمائل وفيحاء الشام دمشق. أو تشابه المكان كسوق الحميدية في دمشق وسوق مطرح في عُمان ومدينة المهدية في تونس والمهدية في المغرب وهما ساحليتان وتاريخيتان.

ومن تشابه المكان والموقع والحضارة تبرز لنا مدينة بيروت الفينيقية على ضفاف شرق البحر المتوسط عاصمة لبنان والمتأصلة في جذور الحضارة ونيابة الأشخرة الواعدة التي تقع على ضفاف بحر العرب من جهة الشرق في سلطنة عمان. وكلاهما ساحليتان تعود أصولهما التاريخية إلى الحضارة الفينيقية التي نشأت جنوب شرق الجزيرة العربية والتي تمتد من جنوب اليمن وحتى شرق عمان. وهي أصل الهجرات العربية التي هاجرت في أنحاء الجزيرة العربية.

بيروت لا تخفى على كل ذي لب، فينيسيا الشرق وسحره البراق وجماله الآسر للقلوب ورقي تعامل أهله مع الغريب، وتعد إحدى المدن المؤثرة في الوطن العربي من الناحية الثقافية لغناها الحضاري والتاريخي بما تحويه من مؤثرات ثقافية كالجامعات العريقة والمكتبات ودور النشر والمتاحف والمسارح والفنون والمعارض والفنون الأدبية الأخرى وحرية التعبير والفكر، وما أنجبت من أدباء وشعراء ومفكرين أسهموا في رفد الحضارة الإنسانية في مختلف المجالات العلمية والدينية والثقافية والتاريخية.

ومن ناحية أخرى، تعدُّ وجهة سياحية مثالية لوقوعها على ضفاف البحر المتوسط وبما تحويه من أماكن سياحية وترفيهية تستقطب ألاف السائحين من شتى أنحاء المعمورة مثل شاطئها الجميل ومراسيه، النابض بالحركة والديمومة والحدائق الطبيعية والمائية المنعشة والمطاعم التي تطهو أشهى المأكولات اللبنانية والعالمية والفنادق الراقية  والمولات والأسواق وشوارعها الجميلة، ومبانيها الجميلة الشاهقة.

أما نيابة الأشخرة في سلطنة عمان والواقعة على ضفاف بحر العرب الوادعة من جهة الشرق بهوائها المنعش العليل والتي تهب عليها رياح المونسون في الصيف وشتائها المعتدل البارد والتي لا يعرفها الكثير من الأشقاء في الوطن العربي والعالم، فهي وجهة سياحية واعدة للاسترخاء والاستجمام والتي لا تزال بكراً في طبيعتها بشواطئها الرملية الجميلة الممتدة وهوائها العليل، والتي تحتاج إلى توأمة مع مدينة بيروت والاستفادة من منتجها السياحي والثقافي بما يتواءم مع قيمنا الثقافية والحضارية والسياحية والدينية؛ لتستقطب آلاف السائحين، ونقترح أن تكون وجهة مثالية للراحة، خاصة لكبار السن والمتقاعدين وطالبي الدعة والهدوء بعيدا عن صخب الحياة والمهرجانات وكذلك للاستطباب بإقامة المستشفيات للسياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات العلمية والملتقيات الشبابية والفنية والمهارية والثقافية والعلمية والرياضية والاستفادة من الدول المتقدمة في التخطيط السياحي لها مثل تايلند وماليزيا وسنغافورة واليابان والصين بطريقة فنية وعلمية ومعمارية راقية تتلافى القصور وخاصة أن المنطقة مطلة على بحر العرب والمحيط الهندي متأثرة بالأنواء المناخية.

إنَّ التشابه بين مدننا العربية الواقعة على ضفتي شرق المتوسط وضفتي شرق بحر العرب يؤكد على الصلات الحضارية والأصول المشتركة بينهما، وهو ما أكدته المصادر والمكتشفات الأثرية؛ مما يدعم أواصر الترابط والتلاقح الحضاري بين هذه المدن وبعضها، ويعزز من نموها وتطورها وازدهارها السياحي.

تعليق عبر الفيس بوك