23 يوليو.. رؤية السلطان هيثم تتجلى في العمق والمصداقية

 

حمود بن علي الطوقي

عندما تشرق شمس 23 يوليو المجيد، الكل هنا يقف وقفة ابتهاج بهذه المناسبة التي ستظل راسخة في وجدان العمانيين، وعندما أقول "الكل" أعني هنا كل من وطأت قدمه أرض عمان من العمانيين والمقيمين والضيوف الذين يقصدون هذا البلد لقضاء إجازاتهم.

23 يوليو ليس مجرد تاريخ يحتفل العمانيون فيه، بل هو يوم تاريخي بكل ما تعنيه الكلمة؛ ففي هذا اليوم تقلد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم، ليقود ملحمة وطنية ويصنع لهذا الوطن المكانة العظيمة، ليُسلم بعد خمسين عامًا الراية لرجل قال عنه "من توسمنا فيه خيرا" إنه السلطان الفذ هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.

نعم، تسلم السلطان هيثم مقاليد الحكم، ورسم خارطة طريق جديدة لنهضة عُمان المتجددة، تتسم بالوضوح والعمق والمصداقية. ويتجلى "الوضوح" في رؤية جلالته الثاقبة لجعل عمان تسير وفق نهج السلطان الراحل -طيب الله ثراه- وأن تكون السلطنة دولة ذات علاقات وصداقات مع مختلف شعوب العالم، ونستشرف ذلك في أول خطاب لجلالته فور توليه مقاليد الحكم، والذي أكد فيه على المضي قدمًا في جعل السلطنة دولة صديقة لدول العالم قاطبة، ومضرب المثل في العلاقات البينية المبنية على أسس التوافق والسلام والحوار، بعيدا عن الحروب والدمار التي لا يدفع ثمنها سوى الشعوب المغلوب على أمرها، كل ذلك بما يحقق للسلطنة وشعبها ذلك الشعور بالاختلاف الإيجابي في التوجيهات والاستقلالية في ثقافته ورؤيته والانسجام مع حضارات العالم وثقافته المختلفة. وكلُّ الشعوب تثق في سياسة عُمان وحكمة قائد عُمان؛ لهذا جاءت السياسة العمانية الخارجية مبنية على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

أمَّا "العمق"، فيتجلى في أن تكون عمان بلدًا متقدمًا في مختلف ميادين الحياة، ولتحقيق هذا العمق، رسم جلالته منظومة جديدة لعمان في سياساتها الداخلية والخارجية مبنية على عدد من المرتكزات، ومن خلال هذه المرتكزات الثابتة تأتي "المصداقية" العمانية في التعامل مع الآخرين؛ مما جعل في هذا التعامل الانسجام والتناغم والمطابقة بين ما كان وبين ما سيكون.

وعُمان تحتفي اليوم بمناسبة ذكرى 23 المجيد، نستحضر مقولة للسلطان قابوس -طيب الله ثراه: "هكذا بدأنا وهكذا نحن الآن وسوف نظل".. تلكم هي الفواصل العمانية المفعمة بالرمزية التي تفيض بها عُمان في تاريخها الحديث.. وسنظل نحن العمانيين نعيش في انسجام ونعاهد الله أن نعمل بإخلاص تحت القيادة الرشيدة للسلطان هيثم المعظم -حفظه الله- ولا ننسى في الوقت نفسه أبدا السلطان الخالد قابوس الحكيم -طيب الله ثراه- وسنظل نرفع الأكف وندعو الله ليل نهار بأن يغفر له ويسكنه فسيح الجنان، وأن يوفق سلطاننا الأبي هيثم في إدارة شؤون البلاد، وأن يُلبسه الله ثوب الصحة والعافية، وأن يحفظه من أجل عُمان.. إنه سميع مجيب.