خليفة بن عبيد المشايخي
ليس بمقدور أي إنسان ما أن يكون مُلِمًّا بكل شيء؛ فالمسؤول في مكان ما لا يستطيع بنفسه أن يكون مُلمًّا بكل شيء عن حدود مسؤوليته ومنطقته الجغرافية؛ وبالتالي فإنَّ الاستعانة بالغير أمر وارد، وقِس على ذلك رؤساء البلد والحكام وغيرهم؛ فقد يكون هناك أمر ما في منطقة مُعيَّنة يتحدث ويعرف عنه مواطن عادي، فيتحدث به مع مسؤول ما، ويهب ذاك المسؤول للتأكد منه أو لتنفيذ ما قاله ذاك المواطن، فالعملية إذن تكاملية وشراكة بين الحكومة والمواطن، وبين الرئيس والمرؤوس.
وأتذكَّر أنِّي سمعتُ أحدَ المسؤولين في الدولة يقول إنَّ موظفًا صغيرًا في وحدته، أشار عليه باقتراح إيجابي، فأعجب ذاك المسؤول برأي الموظف، وشرع في تنفيذ الفكرة، وبعد إتمامها تمَّ استدعاء المسؤول الأكبر، وأُعجب بما رآه، وإذا هو يقوم بالثناء على ما شاهده، وقال المسؤول للذي أكبر منه، أشكر هذا الموظف الصغير، فالفكرة كانت فكرته ونحن فقط نفذنا.
ما أعجبني هنا نشامة ذاك المسؤول وصِدقه ووضُوحه، وعدم ظلمه لموظفه وهضم وهدر حقه، وانكفائه على نفسه بأن يكون نسب الفكرة والفضل لنفسه، وإنما تفاخر بموظفه أمام مسؤوله الأكبر، وأثنيا معا عليه، وتمَّ بعدها بأيام تكريمه وتقديره أكثر، إذ هذا الموقف كشف عن الطاقات والقدرات والمواهب الكامنة في نفوس صغار الموظفين، كذلك جعل الأنظار تتَّجه إلى ذاك الموظف والنظر إليه وغيره مِمَّن هم نفسه، بأن الإبداع وفن القيادة وحسن التدبير ورجاحة العقل وسلامة المنطق والفكر، ليس بالضرورة أن يكون محصورا ومن شأن المسؤول فقط.
كم نحنُ اليوم بحاجة إلى هكذا مسؤول صريح وجريء وحقَّاني وغير ظالم أو مستولٍ على حقوق غيره.
وعليه.. نعلم أنَّ بيع أسطوانات الغاز اصبحت للعمانيين فقط، ولكن أصحاب هذه المشاريع الصغيرة لا يعملون على مدار الساعة وإلى أوقات متأخرة من الليل، فلماذا لا تقوم الحكومة -ممثلة في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وعدد من الجهات الرسمية ذات العلاقة- بتخصيص في كل محطة وقود بالسلطنة، مكانًا لبيع أسطوانات الغاز يعمل على مدار الساعة، تتبع إدارته الموظفين الذين يناوبون في تلك المحطات، هم أنفسهم الذين سيقومون ببيع أسطوانات الغاز، وهذا الإجراء يُعد نوعا من التحضر والتطور، وموجود في دول أخرى.. وتقنين هذه المسألة سيخدم أفراد المجتمع الذين رُبما تستدعيهم الحاجة في وقت متأخر من الليل، إلى أسطوانة غاز، مع الإبقاء على وضع باعة الغاز الحاليين، كما هو.
وبعد انتشار التجارة الإلكترونية وخدمات الطلبات في عُمان كافة، ظهرتْ خدمة التوصيل كمهنة جديدة تُدِر مكاسب جيدة لممتهنيها؛ سواء الباحثين عن عمل أو المتقاعدين، فهل ستَّتجه الحكومة إلى تعمين هذه المهنة كبقية المهن التي أصبحت مُخصَّصة للعمانيين فقط، أم أنَّ الموضوع سيطول وسيستغرق وقتًا لأنه يحتاج إلى دراسات وغير ذلك من التعقيدات والإجراءات؟!