عيد الربيع فرصة لتواصل الشعوب

 

تشو شيوان **

يُعد عيد الربيع الصيني أهم عيد تقليدي لدى الصينيين؛ حيث تعُم أجواء الفرح جميع أنحاء الصين احتفالًا بهذا العيد الكبير والمميز، ولأن هذا العيد هو رمز للمِّ الشمل والاجتماع بالعائلة وتبادل التهاني بين أفراد الأسرة الواحدة، فقد شاطرنا العديد من الشعوب العربية هذا الاحتفال، وعمّت أجواء الفرح العديد من المدن العربية، وأقامت مُعظم السفارات الصينية لدى الدول العربية احتفالات بهذه المناسبة وشاركت التقاليد الصينية الجالية الصينية في هذه الدول، إضافة للشعوب العربية التي دائما ما تُظهر احترامها وعمق علاقتها مع الصينيين.

خلال السنوات الماضية أقامت العديد من العواصم العربية احتفالات ضخمة ومبهرة احتفالًا برأس السنة الصينية وبعيد الربيع الصيني مما عمق العلاقات بين الشعبين العربي والصيني وأتاح الفرصة أمام الشعوب العربية للتعرف على الثقافة الصينية، وعلى الطقوس الصينية في الاحتفال بالعيد، وأيضًا أتاح الفرصة أمام الصينيين للتعريف بعاداتهم وتقاليدهم، وفي هذا الجانب فأنا ممن يجدون أن هناك تقاربا بين الثقافة العربية والصينية في الاحتفال بالأعياد وخصوصًا في مسألة الاجتماع بالعائلة وتبادل التهاني مع الأصدقاء، وفي نقل الفرح للأطفال الصغار عن طريق تقديم العيدية، وأيضًا في مسألة الطعام وإعداد طعام خاص بالأعياد وتجهيز الحلويات، وأيضًا في مسألة ترتيب البيوت وتزيينها استعدادًا لاستقبال الضيوف، ولقد عشت العديد من السنوات في الوطن العربي ووجدت الكثير من الأشياء المتشابهة بين الصينيين والعرب في مثل هذه المناسبات المميزة، وحضرت العديد من أعياد الربيع في الدول العربية وشعرت بالمحبة والألفة واستقبلت التهاني والتبريكات من الأصدقاء العرب.

خلال الأيام الماضية، أُقيم عرض فني ضخم في دبي احتفالًا بقرب قدوم العام الصيني الجديد الذي يوافق 22 من يناير الجاري، وقد أقيم العرض والذي حمل عنوان "عام صيني جديد سعيد" في مدينة إكسبو دبي بتنظيم من السفارة الصينية بالإمارات، والقنصلية الصينية العامة بدبي، واللجنة التنفيذية لـ"هلا بالصين"، وبتوجيه من وزارة الثقافة والسياحة الصينية، وبدعم من مدينة إكسبو، وصحيح أن العرض كان بعيدًا عن الوطن الأم، إلّا أنَّ الصينيين شعروا بأجواء العيد وتقبلوا التهاني من الشعوب العربية المقيمة في دولة الإمارات.

احتوى العرض على حوالي 60 فريقًا استعراضيًا، وأكثر من 20 عربة مزينة، وأكثر من 5000 شخص استعراضيين وبهلوانيين وراقصين، وإضافة لإظهار الثقافة الصينية من خلال العروض والرقصات والتقاليد، فإن هناك أيضًا مجموعة رائعة من أسواق عيد الربيع الصيني، مع ما يقرب من 50 متجرًا ومطعمًا، مما يسمح للصينيين والأجانب بالتعرف على المنتجات والأطعمة الصينية المرتبطة بالعام الجديد وطقوس استقباله والاحتفال به.

لم يكن العرض مرغوبًا من قبل 300 ألف مغترب صيني في الإمارات فقط؛ بل أيضًا حظى باهتمام ودعم من الجانب الإماراتي والمقيمين من مختلف الجنسيات، وقد أصبح العرض الفني الضخم خلال السنوات الماضية علامة مشرقة للتبادلات الشعبية بين الصين والشعب العربي، وهذا مثال بسيط لمتانة العلاقة الشعبية بين الشعب الصيني والشعب العربي.

بالنسبة لنا كصينيين نجد أن المناسبات الصينية فرصة لأن نشاطر الفرح والبهجة مع الأصدقاء العرب، وأينما نجد احتفالًا بهذه المناسبة نقدرها ونحترمها، فهذا إن دلَّ فيدل على أن هناك تقاربًا وتبادلات بين الشعوب، وخلال السنوات القليلة الماضية باتت العديد من الدول العربية تلتفت للمناسبات الصينية وتقيم احتفالات بهذه المناسبة، وأيضًا بات الشعب الصيني أكثر قربًا من الشعوب العربية ومن الثقافة العربية. وبوجهة نظري أن هذا نتاج التعاون الثقافة والاقتصادي والسياسي بين دولنا، وهذا أمر إيجابي يجب أن نعززه من خلال تواصلنا وعملنا المشترك، وأن نوفر مساحة إعلامية وثقافية لنقل التبادلات الشعبية لتوطيد العلاقات، وبهذه المناسبة أتمنى للشعوب العربية وللشعب العُماني عامًا صينيًا جديدا يحمل في طياته النجاح والسعادة والمزيد من التقدم.

 

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية