أهمية الأكاديميات في تطوير لعبة كرة القدم

 

د. مبارك بن خميس بن سالم الصلطي

دكتوراه إدارة أعمال

mubarakalsalti84@gmail.com

 

 

أدى ارتفاع سوق انتقالات اللاعبين في المواسم الفائتة في الدوريات العربية والعالمية إلى دفع الأندية لإنفاق مبالغ هائلة أثرت على ميزانياتها، وأوقع بعضها تحت طائلة الديون والتعثر المالي؛ مما حدا بالاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إلى تبني قانون اللعب المالي النظيف، وهو يستهدف معادلة جميع الأندية المشاركة في البطولات القارية في الإيرادات والمصروفات، وألا يكون في ميزانيتها أي نوع من أنواع العجز المالي، وقد تم تطبيقه بداية من موسم 2011/ 2012.

وهذا جعل الأندية تستثمر في المواهب عن طريق الأكاديميات التابعة لها، أو أن تبحث هي عن المواهب في الأكاديميات الخاصة لكرة القدم بدلا من تحمل المصاريف الباهظة في شراء لاعب جديد . وتتدرج العقوبات التي يتعرض لها النادي الذي تزيد مصروفاته عن إيراداته من لفت النظر إلى منعه من المشاركة في البطولات؛ مما أجبر الأندية إلى البحث عن المواهب الجاهزة في أكاديميات كرة القدم وإلحاقها بالفرق في المراحل السِنّية المختلفة للأندية.

وتُسهم الأكاديميات بدورٍ كبيرٍ في تطوير كرة القدم وتنشئة مواهب تتمتع بالمهارات المطلوبة في عالم المستديرة، وأبرز الشواهد على الأدوار المهمة للأكاديميات، عندما فاز المنتخب القطري بكأس آسيا عام 2019، وكان من ضمن الفريق 13 لاعبًا من خريجي أكاديمية "أسباير" أبرزهم: المعز علي وأكرم عفيف وسعد الشيب حارس المرمى.كما أسهمت أكاديمية أسباير أيضا في تحقيق منتخب كرة اليد المركز الثاني بعد أن تغلب عليه المنتخب الفرنسي بصعوبة شديدة عام 2015.

ومن الشواهد أيضا، تجربة المنتخب الياباني الرائعة وتحقيقه لأربع بطولات آسيوية أعوام 1992 و2000 و2004 و2011؛ نتيجة لعوامل عديدة أبرزها اهتمامه بالأكاديميات الرياضية ومن ثم تصدير المواهب للدوريات الأوروبية.

ويعتمد نجاح الأكاديميات وتسويقها على وجود رؤية واضحة ومكتوبة تشبه الحلم، وتركز على المستقبل وتثير الحافز في المدربين لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها الأكاديمية.

ويعتبر جزء التدريب والمتعلق بالمهارات والخطط التي يمتلكها المدرب هي الميزة التنافسية الكبرى التي تجذب المواهب نحو أكاديمية معينة أكثر من الأخرى بالإضافة إلى التجهيزات الأخرى كالملاعب وصالات التدريب.وكلما توفر أكثر من مدرب بالأكاديمية اكتسب الناشئة المهارات بشكل أسرع؛ فعند "زيادة عدد العيون التي تراقب وتحلل أثناء وبعد التدريب، كان ذلك أفضل".

وقد أثبتت الإحصائيات، بأن أفضل الأكاديميات في أوربا تتمتع بالمعايير التالية:

- 60% من الأكاديميات لا يزيد عدد اللاعبين بها عن 220 لاعبا.

- تتراوح المراحل السنية بالأكاديمية بين 3- 4 مجموعات.

- 75% من اللاعبين يعيشون في نصف قطر 50 كم من الأكاديمية.

- 75% من الأكاديميات تسمح لأولياء أمور اللاعبين بحضور التدريبات.

- 75% من الأكاديميات تربطها علاقات بالجامعات والأكاديميات؛ فمثلا يمكن أن تستقبل الأكاديمية بملعبها في أيام العطل فرق المدارس ليلتقوا بالمدربين ويستمعوا لتوجيهاتهم.

- 66% من الأكاديميات تركز على تطوير المهارات الفردية للاعبين.

ويجب أن تهتم الأكاديميات بلاعبيها كما تفعل الأندية الكبرى من ناحية التدريبات، وإرشادهم إلى التغذية السليمة التي تساعد في بناء أجسامهم وتذكيرهم بالابتعاد عن السهر أوالغرور وتشجيعهم على الدراسة والتعلم؛ فالعقل السليم في الجسم السليم.

وتمثل الأندية والأكاديميات "الحاضنة" التي تُتعلم منها المواهب قيمَ التحدي والإصرار والمثابرة والقدرة على تحقيق النجاح رغم الصعوبات. وهي مهارات تنغرس في نفوس اللاعبين وتتخطى فوائدها حدود المنافسات الرياضية لتعم جميع نواحي الحياة.وليس دليلا على أن الالتحاق بالأكاديميات هو وسيلة لقضاء الوقت كيفما كانت، وإنما لأهداف وغايات كبيرة في مجال كرة القدم والحياة عمومًا.

ومن الوسائل المحفزة للمواهب الناشئة بالأكاديميات هو التنسيق مع الاتحاد الرياضي لكرة القدم لتنظيم يوم مفتوح يتزامن مع معسكرات إعداد المنتخب الوطني للناشئين يلتقي فيه اللاعبين مع لاعبي المنتخب والطاقم التدريبي والاستماع لتوجيهات اللاعبين .وفي هذا شد للهمم وتقوية الآمال بحجز مكان في المنتخب للمواهب الجديرة بذلك.

تعليق عبر الفيس بوك