الربع الخالي يكتب مسارًا جديدًا

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

تصوغ حكايات الآباء والأجداد في بلادنا وفي كل الأزمنة عهدًا من التاريخ العريق الخالد، ويتضوع عطر الأرض أنفاس الطفولة، والمآثر الجميلة وولع الشوق ورقة النسيم، وتخليد المآثر العظيمة لتلك الثلة من الرعيل الأول ومن بعدهما، فما كانوا عليه من خصال وتهادٍ وتحاب، كان يستجيش النفوس ويستثيرها إلى المعالي والمجد والسؤدد، وترى على أديم تلك المسطحات الأرضية الشاسعة،ارتسام أحلامهم وحكايات الصغار والكبار منهم وقصص الشباب والقوة والفتوة، وأساطير الرجولة وملامح البطولات والشجاعة والإقدام والعمل والمسؤولية، وتحقق تطلعات قادة اليوم والأمس ورؤاهم المنبثقة من الماضي التليد والحاضر المشرق الزاهي، إنما هو امتداد لتلك الصنائع الجميلة والعطاءات المُبهرة، فهم في النهاية أنفس ناضلت من أجل خير العباد وتفشي الازدهار لهم وبينهم ، وجزء آخر جاهد من أجل بقاء الازدهار، وإنجاز الرجال ونشوات الفخر والاعتزاز، وآخرون تشبثوا بالآمال العراض لتكون حدائق غناء يرى فيها أنسهم متنفساً له، يواتيهم فيها الإلهام سهلاً ذلولا.

ولعل نوايا الآباء والأجداد كانت تشي بالخير العميم حينما كانت تعتمل في دواخلهم وطباعهم وتركيبتهم، فكانت لحين تحققها معلقة في سماوات الرجاء والدعوات والاستجابة، فيستجاب لها بعد حين بأن يكون الرجال في القطرين الخليجيين إخوة وأشقاء، ويكون الصبيان هنا وهناك، جند مهاب ودفاعات ودروع وحصن حصين لبعضهما تدافع عن ثرى الأرض ومقدسات الوطن، وتكون الأمهات أمهات وأخوات لبعضهن إن زاد حملهن ونضالهن ومتاعبهن أو قل.

ويتجسد ذلك سواء كن في أقطارهن وأماكنهن وبلدانهن، أو في مكان واحد وملتقى واحد وبقعة واحدة .

فعُمان والمملكة العربية السعودية دولتان شقيقتان جارتان منذ القدم، يجمع بينهما الاحترام والتقدير وروابط القربى، ووشائج المحبة والصداقة والأخوة والتداخل القبلي والأهلي والمجتمعي والقومي.

وحينما هجعت الأنفس بعد أن التقطت أنفاسها هناك على تلك المتون الذهبية التي تتوسد فيافي القيظ والصيف في كل من صحاري وأراضي الدولتين الجارتين المتحابتين بعدما أضناها التعب والإرهاق، وهي تخطط لمسار السلام والمحبة من قبل مهندسيها وفنييها وقادتها ومسؤوليها ورؤسائها، كانت العيون تستقرئ الحلم المشروع في كلا البلدين، وكانت العقول ترى أن مستقبل الأرض ووعورتها يمكن تطويعها وتهذيبها وترويضها للصالح العام، ليس فقط على مستوى شعوب الدولتين، بل على مستوى شعوب الأرض والمنطقة.

لتكون مسارًا وطريقًا جديدًا حيويًا يكتب علاقات جديدة أخرى، ويفتح آفاقاً أرحب لتطلعات أبناء البلدين، ويدون قصصاً حديثة تبث الحياة وتبعث الحياة في شرايين وأوردة تلك النواحي والروابي والتلال والهضاب الممتدة من عبري، وحتى تلك الأرض والمنطقة التي بدأ منها الطريق في المملكة.

وقبل أن يشهد التراب تفاصيل الحكاية ونقطة البدء وساعة الصفر لصياغة الحدث المبهر الذي يعول عليه الكثير في رسم الطموحات ورغبات وتطلعات وحكايات الآباء والأجداد أياً كان انحدارهم من أعراق مختلفة، إلا أنهم جميعهم يجتمعون في النسب والدين وفي فوائد هذا الطريق.

إن الأمنيات تتجه الآن إلى أن يستوفي هذا الطريق والمنفذ متطلبات السلامة الضرورية من إنارة وخدمات مختلفة، كمحطات البترول والفنادق والاستراحات، وحمايته من تواجد الأتربة وتجمعها عليه.

إن هذا المشروع الهام أثبت حب البلدين لبعضهما، وتحاور وتفاهم القيادات السياسية والاقتصادية في البلدين، فكل التوفيق لعُمان والمملكة العربية السعودية، وإن شاء الله نرى على أرض الواقع الكثير من الأعمال المستقبلية، والطموحات المرجوة، متجسدة على أرض الواقع، وحفظ الله بلداننا في منطقة الخليج العربي كافة آمنة مطمئنة، وجعل كل الدول الست متحابة متعاضدة متعاونة لما فيه خيرها وخير شعوبها وساكنيها.

تعليق عبر الفيس بوك