دعوة لعقد ملتقى الدبلوماسية الاقتصادية

 

حمود بن علي الطوقي

سأبدأ مقالي للحديث عن مقترح لتنظيم ملتقى سنوي للدبلوماسية الاقتصادية مرتكزًا على التصريح الصحفي لسعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية، عندما ذكر أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة؛ حيث إنِّه ومن الآن وصاعدا سيتم تقييم عمل السفير، وإن أهم مقاييس أداء السفير مدى قدرته على تطبيق الدبلوماسية الاقتصادية، ونجاحه في جذب الاستثمارات وعقد صفقات مع الدولة الأجنبية التي يمثل السلطنة كسفير فيها.

هذا التصريح الصحفي سوف يعيد رسم خارطة الطريق لعمل وأداء أصحاب السعادة سفراء السلطنة في مختلف عواصم العالم وربما سيضع السفراء أمام اختبار حقيقي وفعلي لقياس مستوى أدائهم كسفراء مطلوب منهم تحقيق العديد من الأهداف المناطة إليهم سواء المتعلقة بالدبلوماسية السياسية والاجتماعية والثقافية وأيضاً الدبلوماسية الاقتصادية، وقد جاءت التوجيهات الأخيرة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بالتركيز على هذا المحور "الدبلوماسية الاقتصادية" لعمل وأداء أصحاب السعادة السفراء، وأجزم أن المرحلة القادمة ستشهد حراكا وعملا دؤوبا ومنافسة على مستوى السفراء لتحقيق هذا المطلب الذي يتماشى مع متطلبات رؤية "عُمان 2040". أذكرُ قبل سنوات وفي هذه الزاوية كتبت مقالا وكنت أدعو لعقد منتدى سنوي لمناقشة أداء أعمال السفراء والجهود التي تبذل من قبل أصحاب السعادة السفراء في استقطاب الحزم التجارية والاقتصادية والترويج للبرامج السياحية، وأكرر اليوم هذه الدعوى لمقترح لتنظيم ملتقى سنوى لمناقشة ما تحقق من مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية ومدى قدرة سفارات السلطنة في مختلف العواصم على ترجمة متطلبات الدبلوماسية الاقتصادية والتي هي ضرورية ملحة خلال المرحلة المقبلة وجهود هذه الدبلوماسية في جذب المزيد من الاستثمارات التجارية والترويج للسلطنة سياحياً وثقافياً إلى جانب الترويج للمقومات الاقتصادية المختلفة التي تتمتع بها السلطنة.

على مدار السنوات الماضية كانت لدي زيارات عمل في مختلف دول العالم وزرت عدداً من السفارات والتقيت أصحاب السعادة السفراء وتعرفت على جهود السفارة في ترجمة أهداف السلطنة ومن السفارات التي كانت تعمل وفق منظومة الدبلوماسية الاقتصادية سفارة السلطنة في كل من كوريا الجنوبية والصين واليابان بروناي وماليزيا وتايلاند وواشنطن ودول الاتحاد الأوروبي وجنيف والمغرب والجزائر وغيرها من السفارات وحقق أصحاب السعادة السفراء نقلة نوعية في تحقيق العديد من الأهداف التي تنصب في ما يحقق معادلة الدبلوماسية الاقتصادية ويمكن اعتبار تجربة سفارة سلطنة عمان في كوريا الجنوبية نموذجًا مشرفًا في ترجمة توجه تطبيق مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية، وهذا هو التوجه الجديد للحكومة المتجددة بتغيير نمط الثقافة لدى العاملين في السلك الدبلوماسي.

أجزمُ كما ذكرت بأن سفارة سلطنة عمان في كوريا الجنوبية كانت تعمل على تحقيق هذا الفكر وقد تمكن سعادة السفير السابق محمد بن سالم الحارثي إبان فترة عمله كسفير للسلطنة في كوريا الجنوبية من تبني عدد من البرامج التي تندرج تحت مظلة الدبلوماسية الاقتصادية حيث أطلقت السفارة برامج محتلفة تهدف إلى التسويق والترويج للسلطنة واستمرت على مدار سنوات، منها برنامج مرحبًا بكم في عُمان والذي دشنته السفارة مع بداية عام 2014 واستمر حتى نهاية عام 2020 ولاقى نجاحا كبيرا في الوسط الكوري ويعنى بالتعريف بالسلطنة والترويج السياحي والاستثماري من خلال سلسلة من الفعاليات الاقتصادية والثقافية والسياحية والاستثمارية طوال العام. وهذه البرامج ساهمت في التعريف بالمقومات التي تزخر بها السلطنة وبفضل هذا البرنامج أصبح اسم عمان معروفا في كوريا واسم كوريا في عُمان. كما تم تأسيس معرض مصغر في بهو السفارة يحكي تاريخ عُمان عبر الزمان يضم عدة أركان لمعروضات تراثية وثقافية متنوعة وصور ولوحات ملامح من عمان يقصده الزوار من المدارس والجامعات، إلى جانب تنظيم السفارة لعدد من الملتقيات الاقتصادية والثقافية ودعوة رواد الأعمال للاطلاع على التجربة الكورية في مجال الصناعة ونقل التكنولوجيا وإنترنت الأشياء وعقد صفقات تجارية على مستوى رجال الأعمال بين البلدين.

نحن نعيش الآن مرحلة انتقالية ويجب الاهتمام بمتطلبات هذه المرحلة فعلاقات عُمان متميزة مع مختلف دول العالم وإذا كانت الدبلوماسية السياسية قد نجحت فلابُد أيضاً أن تنجح الدبلوماسية الاقتصادية، وذلك من خلال اشتغال أصحاب السعادة السفراء في مختلف عواصم العالم لترجمة الفكر السامي لجلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- لجعل السلطنة دولة قادرة على جذب الاستثمارت الدولية المختلفة كونها تتميز بالصداقة المتميزة لمختلف دول العالم قاطبة، ومضرب المثل في العلاقات البينية المبنية على أسس التوافق والسلام والحوار، بعيدًا عن الحروب والدمار التي لا يدفع ثمنها سوى الشعوب ذاتها، كل ذلك بما يحقق للسلطنة وشعبها ذلك الشعور بالاختلاف الإيجابي في التوجهات، والاستقلالية في ثقافته ورؤيته، والانسجام مع حضارات العالم وثقافاته المختلفة.