عائض الأحمد
لن أنسى تلك الأيام التى تقاسمنا فيها الكثير أيُّها الطيب، وهل أنسى تلك الأفكار التي كدنا بسببها نفقد أجمل ماكنت تملكه، روحك يا صديقي، وقدرتك الهائلة على الترجمة دون أن تدرس حرفًا واحدًا وربما لم تشاهده أيضًا ولكنني فوجئت بألمعيتك وقدرتك على التخاطب مع الوفد الصيني في ذلك اليوم المشؤوم لك الله يا صديقي فقد فهمك الوفد خطأ، ليس ذنبك أبدًا أنت تطوعت فكان العيد عيدين.
أقدر اتصالك بي وبشراك بأن أحدث أنظمة التشغيل من "مايكروسفت" "ويندوز 11" كان لديك عليها ملاحظات وقد أرسلت وشرحت مُعاناتك مع النظام وقدمت عملاً رائعاً للبشرية لن ينسى بارك الله فيك فلولا ما أقدمت عليه لكنا فرائس سهلة لنظام قديم.
طموح "مسعود" كان في صغره أن يصبح نجماً يشار له بالبنان فمارس كرة القدم وعمل على نفسه كثيرًا حتى وصل إلى وزن معقول "مائة" كيلو، جعل من أقرانه يفضلون أن يقف بين القائمين والعارضة لحراستنا من هجوم المنافسين أعلم يا صديقي أنها "مشاكل" الحياة وسوء التغذية وطموحك الدائم المتقد وهذا حق لك، ولكن ماذا عن تلك الأيام التي كنت أشعث أغبر لا فرق بينك وبين فناء بيتنا الترابي غير صفرة أسنانك وابتسامتك الخجولة وأنت تبادل ابنة الجيران حباً لم يكتب له غير تلك "المرمطة" التي تركت أثرًا فأصبح "السين" "ثين" بعد أن أنفضت معركة ذات الأرجل، نحمد الله أنك لم تخرج بعاهة مستديمة يا صاحبي وإن كان الشك يساورنى إلى الآن.
مسعود أكبر فيك هذا الكفاح المُستمر وخصوصاً التكريم الأخير الذي حظيت به فأنت أهلٌ وسهلٌ له، وما كان سيتحقق بجهدك لو عشت عمرًا كاملاً فهنيئًا لنا بك وهنيئاً لأبناء قريتنا العزيزة باختيارك رجل العام وأكثرهم خدمة لهم فقد وصلت شهرتك إلى القرى المجاورة ولم يضع كما ضاع كأس"الحارس المثالي" جبر الله عثرتك بعد سنوات.
أليس من الحب ما قتل وأنت أكثرهم شهامة حينما تصدرت خلافا بسيطا كان على إثر سوء فهم أبسط، وانتهى بحكم قضائي لا رجعة فيه فقد أرسيت عدلاً وأعملت عقلا بطرفة عين لا فض فوك.
غيض من فيض فكلما قدرك الله على معروف فأنت سباق إليه فماذا عن مرضك وشكواك، من سوء ظن البعض ألم تكن تقول لي بأن العيش مع الجهل أكثر جرأة من علم لا فائدة منه، وأنت حامل لواء الجهل فهو مخرجك حينما تجتمع عليك الأمم.
وما كان حديثك في مُؤتمر "الأرض اليابسة" وتشرفك بالدعوة الدائمة من منظمة"سامح الله الشعوب وعفا الله عما سلف" إلا دليل على أن نستحلفك بالله أن تعود لرشدك يومًا واحدًا فقط يوم واحد افتقدناك يارجل.
سيذكرك التاريخ كما احتفلت بك الجغرافيا على أرضها، غزاك الشيب وأنت لم تزل مسعود كما أنت، تغير الدهر وأنت كما أنت لحكمة لا يعلمها أحدٌ سواك، أنت الثابت والبقية متغيرون أولم تكن لك كافية.
ختامًا لي رجاء بأن تلزم دارك الآن، وتنسى رحلتنا القادمة، ليس خوفاً عليك بل خوفًا منك، فأنا بلغت حدًا لم أعد أقدر فيه على جمع "الحصى".
-----------
ومضة:
لم يعد لي غير روحك أحدثها بصمت.
-----------
يقول الأحمد نقلا عن أحدهم:
"ستبقى المؤخرة متأخرة مهما كانت في عجلة من أمرها".