توسيع مظلة "الحماية الاجتماعية"

 

 

خلفان الطوقي

تكرَّرت كثيرًا كلمة مظلة المنظومة الاجتماعية خلال الأشهر القليلة الماضية، قِيلت في خطاب مولانا السلطان هيثم بن طارق -أيده الله- وفي بيان مجلس الوزراء، وفي نشرة برنامج التوازن المالي، وفي تصاريح إعلامية أخرى، تِكرارها مرَّات ومرَّات وكأنَّ الحكومة لديها الجديد من الإجراءات والقرارات والسياسات، وتحاول أن تُمهِّد نفسياتنا لما هو قادم، القادم الذي لم يعتد عليه كثيرا منا.

خلال الأشهر الماضية، تمَّ تطبيق عدد من الرسوم الحكومية والضرائب، وتمَّ إقرار ضريبة القيمة المضافة (VAT) من شهر أبريل 2021م، وهناك حديثٌ مُتداول ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي برفع الدعم التدريجي عن الكهرباء والماء، لكن الصورة ما زالت غير واضحة او دقيقة بنفس المستوى لدى الجميع، لكن الحق يقال إنَّ الحكومة عند كل إجراء أو قرار جديد يأتي ذكر كلمة: دون إحداث ضرر على من يقع تحت مظلة منظومة الحماية الاجتماعية.

وعليه، فإنْ أردنا تعريف "منظومة الحماية الاجتماعية" فهي بكل بساطة: فئة محدودي الدخل المالي، لكن هذا التعريف يظل ناقصا، فإذا أرادت الحكومة أن تطبِّق سياسات رفع الدعم أو ضريبة الدعم أو استحداث بطاقات التموين أو بطاقة دعم استهلاك الكهرباء والماء، فعليها أن تُعِيد تعريف المستحق بشكل دقيق، وتعيد توجيه الدعم لمن يستحقه وفق معايير؛ أهمها:

- "الشفافية والوضوح": بمعنى أن يتم تعريف المستحق للدعم على مستوى الفرد أو العائلة من حيث الدخل المالي، ووصف الحالة وصفا دقيقا لا يحتمل الخطأ إلا في أدنى مستوياته.

- "العدالة": أن يتم توجيه الدعم لمن يستحقه فقط؛ بحيث يتم مراجعة قوائم الدعم سنويا وتحديثها، فللأسف الشديد وكما هو مُنتشر في بعض المجالس، يتداول أن كثيرا من الدعم يذهب إلى من لا يستحقه، وهناك مُستحق لا يحصل على الدعم؛ لذلك لابد لهذه القوائم أن تُرَاجع بشكل دوري إذا أرادت الحكومة أن تحافظ على هذه الفئة وتوسِّع رقعتها.

- "المصداقية": لابد أن تحمل فئة مستحقي الدعم المصداقية، وأن تكون مبنية على معلومات من مصادر حكومية مختلفة كالبنك المركزي العماني ووزارة التنمية الاجتماعية وشرطة عُمان السلطانية ووزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والمركز الوطني للإحصاء والمعلومات وتعداد 2020.. وغيرها من الجهات؛ فهناك من يملك عشرات العمال والسجلات التجارية، وربما لا يزال موجودًا في قائمة محدود الدخل، وهناك كثيرون ممن يحملون صفة معدم ومستحق ومحتاج ولا يزال خارج منظومة مستحقي الدعم بسبب مزاحمة غيره لحقه.

- "مبنية على معلومات": لابد حينما تقرِّر الحكومة تعريف المستحِق للدعم، أن تستند إلى معلومات وحقائق من مصادر مختلفة كالجهات الحكومية المذكورة أعلاه، ولا يوجد سبب أن لا نقوم بذلك، خاصة وأننا نفاخر بالربط الإلكتروني.

المحافظة وتوسعة منظومة الحماية الاجتماعية يعتبران تحديا حقيقيا في ظل موجة القرارات المطبقة والمرتقبة لبرنامج التوازن المالي، ويحتاج إلى عمل حثيث وتنسيق وتكامل وتوحيد الجهود الحكومية لتقليل الصدمات النفسية من ناحية ومحاربة الطبقية من ناحية أخرى، والمحافظة على عماد المجتمع وهي الطبقة الوسطى وتوسعة رقعتها، وتفادي أي إرباك يهدد النسيج الاجتماعي، لذلك لابد للحكومة أن تضع ذلك ضمن أولوياتها عند الشروع في أي تحول نوعي وجوهري كتطبيق برنامج التوازن المالي.