ضمائر من نور

 

 

حمد بن صالح العلوي

al3alawi33@gmail.com

قارئي العزيز...،

صباحك نور وضميرك حي كضمائر الأولين، ومساؤك نور كنور قلوب الأولين..،

وأنا أقلب صفحات التواصل الاجتماعي متنقلا بين تويير وفيسبوك، طالعت موضوعًا يتحدث عن العلم والمعلم، وأنا أطالع صفحة "فيسبوك" متنقلا بين الموضوعات التي يوردها المشاركون.

وإذ بي أقرأ "المعلم ضمير والتلميذ أمانة"، وقرأت هذه الحكاية: "خلال حفل زفاف، شاهد أحد الحضور مُعلِّمه الذي كان يدرسه في المرحلة الابتدائية قبل نحو 35 سنة، أقبل الطالب بلهفة واشتياق على معلمه بكل تقدير واحترام، ثم قال له بشيء من الخجل والخزي: هل تتذكرني يا أستاذي؟

فقال المعلم العجوز: لا يا بني,

فقال الطالب بصوت خافت: كيف لا؟ فأنا ذلك التلميذ الذي سرق ساعة زميله في الصف، وبعد أن بدأ الطفل صاحب الساعة يبكي، طلبت منا أن نقف جميعا ليتم تفتيش جيوبنا، أيقنتُ حينها أن أمري سينفضح أمام التلاميذ والمعلمين، وسأبقى موضع سخرية وستتحطم شخصيتي إلى الأبد.

أمرتنا أن نقف صفًّا، وأن نوجه وجوهنا للحائط، وأن نغمض أعيننا تماما، أخذت تفتش جيوبنا وعندما جاء دوري في التفتيش سحبت الساعة من جيبي وواصلت التفتيش إلى أن فتشت آخر طالب، وبعد أن انتهيت طلبت منا الرجوع إلى مقاعدنا وأنا كنت مرتعبا من أنك ستفضحني أمام الجميع.

ثم أظهرت الساعة وأعطيتها للتلميذ، لكنك لم تذكر اسم الذي أخرجتها من جيبه!

وطوال سنوات الدراسة الابتدائية لم تحدثني أو تعاتبني، ولم تحدِّث أحدا عني وعن سرقتي للساعة. لذلك يا معلمي قررت منذ ذلك الحين ألا أسرق أي شيء مهما كان صغيرا، فكيف لا تذكرني يا أستاذي وأنا تلميذك وقصتي مؤلمة ولا يمكن أن تنساها أو تنساني؟

رَبَت المعلم على ظهر تلميذه وابتسم قائلا: بالطبع أتذكر تلك الواقعة يا بني، صحيح أنَّني تعمدت وقتها أن أفتشكم وأنتم مغمضي أعينكم، كي لا ينفضح أمر السارق أمام زملائه، لكن ما لا تعلمه يا بني هو أنني أنا أيضا فتشتكم وأنا مغمض العينين ليكتمل الستر على من أخذ الساعة ولا يترسب في قلبي شيء ضده.

قارئي العزيز...،

أخلاق، ما بعدها أخلاق، فهل يوجد مثل هذا الصنف بين صفوفنا اليوم؟!

قارئي العزيز الحكيم المبارك..،

تهنئة من القلب لكل معلم ومعلمة وطالب وطالبة في عامهم الاستثنائي الجديد، جعله الله عاما مباركا فيه من الخير، بعيدا عن النقص والتنغيص، وأبعد الله تعالى عنا وعنكم وعن جميع المسلمين في كافة الأقطار عربيها وأعجميها.. ووفَّقكم الله وسدَّد خطاكم وأنتم في العلا وإلى العلا سائرون.