التدخل التربوي لأطفال التوحد في ظل "كورونا"

سلمى بنت علي العلوية *

جاءت جائحة كورونا (كوفيد 19) وطالت آثارها مراكز تأهيل الأطفال التوحديين، وبرامج علاجهم، وأصبح الطفل التوحدي حبيسَ المنزل كبقية أقرانه، وكما هو معروف أنَّ الطفل التوحدي من الصعب أن يظل هادئا ومسالما طوال الوقت، وبالتالي فهو بحاجة ماسة إلى عناية خاصة من قبل الوالدين.  ولما حالت جائحة كورونا بينه وبين نظامه التعليمي والتدريبي الذي كان يتلقاه قبل الجائحة، أصبح لزاما على ولي الأمر التكيف مع هذه الظروف، والاطلاع على أنجع البرامج التربوية لتأهيل طفله، ومحاولة تطبيقها في المنزل أو في البيئات الطبيعية الخارجية.

وهناك العديد من البرامج التربوية التي من شأنها أن تكون معينا لأولياء الأمور لتأهيل أطفالهم، وسأتطرق اليوم للحديث عن بعض البرامج التي تتناسب مع هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، ومنها:

برنامج سن رايز (Son – Rise Program)؛ حيث تقوم الأسرة بتدريب طفلها التوحدي بشكل فردي، وعلى مدى ساعات تتراوح بين 10-12 ساعة، ويقوم هذا البرنامج على القبول والحب غير المشروطين، كما أنَّ الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها هذا البرنامج هي تقليد الطفل التوحدي في جميع حركاته، بغرض الدخول إلى عالمه الخاص، على سبيل المثال: تقليده في اللعب، وفي الأصوات التي يصدرها حتى يشعر بالأمان، وحب وتقبل أسرته له، ثم يبدأ في إدخالهم إلى عالمه تدريجيًّا؛ وبالتالي يصبح تعليمه وتدريبه على اللغة، والتواصل البصري، والتفاعل الاجتماعي، واكتساب المهارات، والسلوكيات المرغوبة، وما إلى ذلك أمرا سهلا. وأودُّ الإشارة إلى أنَّ هذا البرنامج من أنجع البرامج لأنه يضمن اكتساب الطفل التوحدي وانضمامه إلى عالمك بدلا من السير في تيار معاكس له.

وبرنامج التدريب على الضبط المعرفي ومهارات الحياة (Cognitive Management and Life Skills)، الذي يهدف لتعليم الأطفال التوحديين الاستقلالية من خلال تنمية مهارات التواصل، والقدرة على اتخاذ القرار، ويعتمد هذا البرنامج على المثيرات البصرية؛ نظرا لأنها تساعد الأطفال التوحديين على الاستجابة بشكل أفضل من المثيرات اللفظية، علاوة على ذلك يعتمد هذا البرنامج على التكامل بين النظرية السلوكية والنظرية المعرفية التي تركز على أهمية استخدام المعززات، ومراعاة الفروق في النمو، ويعزز هذا البرنامج التفاعل الاجتماعي، والتواصل لدى الأطفال التوحديين.

وبرنامج علاج الحياة اليومية لـ"هيجاشي" (Daily Life Therapy for Higashi)، الذي يقوم على فلسفة الدمج، والتقليد المتزامن بين الطفل التوحدي ومجموعة أطفال من خلال تفاعل الطفل التوحدي المستمر مع إخوته، والذي يتطلب تخطيطَ ولي الأمر الدقيق للأنشطة، وتوفير فرص التفاعل الاجتماعي الفعال عن طريق الأنشطة الجماعية، وقراءة القصص، واللعب الخيالي المنظم بما يتناسب مع قدرات الطفل التوحدي، كما يقوم البرنامج في فحواه على وجود علاقة بين جسم الطفل وعقله وروحه، لذلك نجده يركز على الأنشطة الجسمية التي يتم تنفيذها بشكل جماعي مثل الركض، واللعب بكرة القدم أو السلة وما إلى ذلك.

إضافة إلى برنامج ويلدن لأطفال التوحد ما قبل المدرسة (Walden Preschool Programme)، والذي يهدف لدمج الطفل التوحدي عن طريق استثمار اهتماماته، وتشجيعه على التفاعل مع إخوته من أجل تطوير لغته التعبيرية، وزيادة إمكانية تعليمه. ويعد دمج أخوة الطفل التوحدي في عملية تعليم الطفل التوحدي عاملَ تدخل مهمًّا ومفيدًا؛ لأنه يتعلم منهم الشيء الكثير، لا سيما بعد التعليم المباشر للنمذجة، واستخدام التخطيط لجميع الأنشطة، إضافة للتعلم التقليدي المنظم. ويشتمل البرنامج على: تنظيم البيئة التعليمية لجذب الطفل لنشاطاته المفضلة، والكشف عن اهتمامات الطفل، واستخدام التعزيز والتلقين.

وأخيرا.. برنامج تحليل السلوك التطبيقي (Applied Behavior Analysis)، الذي يقوم على المحاولات المنفصلة لتأهيل الطفل التوحدي، من خلال مناهج تتدرج من السهل إلى الصعب، حيث يضم كل منهج مجموعة من الأهداف، وهذه المناهج هي: منهج المبتدئين، والمنهج المتوسط، والمنهج المتقدم، وبإمكان ولي الأمر توظيفها وتحقيق أهدافها.

 

* باحثة دكتوراه بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس

مدربة معتمدة في مجال الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة