اللعب بالرمل مع أطفال التوحد

سلمى بنت علي العلوية *

يُعاني طفل التوحُّد من أعراض مختلفة تتفاوت في حدتها من طفل لآخر؛ مثل: اضطراب الإدراك الحسي، واضطراب فرط الحركة والنشاط، والسلوكيات القسرية (الطقوسية)، ونوبات الغضب، والاضطراب الاجتماعي... وغيرها من الأعراض.

وكثيرًا ما يلجأ ولي الأمر إلى إخصائي العلاج الوظيفي وإخصائي التوحد  للاستعانة بهم في علاج طفله التوحدي من الأعراض التي يُعاني منها، ولكن النصيحة التي لطالما ردَّدها الإخصائيون لأولياء الأمور هي استكمال الأنشطة والتدريبات خارج وقت الجلسات.

ومن وجهة نظري، لا يجب على ولي الأمر الاقتصار على ما هو متعارف عليه من علاجات داخل مراكز التأهيل، بل لا بد من البحث عن بدائل والتفكير خارج الصندوق، ومن هذه البدائل البسيطة والثرية والمتاحة للجميع اللعب بالرمل؛ حيث تعدُّ الأنشطة التي يمكن أن ينفذها الطفل باستخدام الرمل رائعة جدا للتخفيف من حدة بعض الأعراض التي يُعاني منها هؤلاء الأطفال لأنها تقوي عضلات الطفل، وتزيد من إدراك الأطفال وانتباههم، وتعزز نموهم وحواسهم الخمس لاسيما حاسة اللمس؛ فتجد أن سمات العض على اليدين بدأت تخف تدريجيا؛ لأن الرمل يشبع النقص الحسي الذي يشعر به الطفل التوحدي في اليدين والقدمين، إضافة إلى ذلك تتطوَّر مهاراتهم البصرية الحركية لانشغال عقلهم وعيونهم وأيديهم باللعب في نفس الوقت؛ حيث إنَّ التعامل مع مواد مختلفة في الأحجام ومزج الرمل وعجنه وسكبه وحمل الأوعية الممتلئة به يعزز التواصل البصري اليدوي، ويعمل على نمو المسارات العصبية المسؤولة عن هذه الحركات وتقوي عضلاتهم وتعزز قدراتهم الفكرية.

وعلاوة على ذلك، يعد مشي الطفل التوحدي على الرمل حافيا من أجمل الأنشطة التي من شأنها أن تؤثر على كيفية استخدام الأطفال للعضلات الخاصة بالقدم، ويعزِّز إدراكهم بالفضاء، كما أنَّ تغلغل الرمل بين أصابعهم يشعرهم بالراحة والاسترخاء؛ مما يُخفف من حدة السلوكيات  القسرية التي تعتريهم بين الفينة والأخرى. وإضافة إلى ذلك، يؤدي مشي الطفل حافيا على الرمل إلى توزيع وزن الجسم بشكل متساو على جميع أجزاء الجسم مما ينتج ميكانيكا حيوية فعالة فتكون مشيتهم طبيعية أكثر لا سيما وأنَّ بعض أطفال التوحد يتَّسمون بالمشي على أطراف الأصابع، وعدم تناسق حركة العضلات.

كما أنَّ اللعب بالرمل إذا ما تم توظيفه بإشراك أقران الطفل التوحدي  سيعمل على التخفيف من حدة أعراض الاضطراب الاجتماعي والاضطراب اللغوي لديه؛ حيث إنَّ التشارك في اللعب بالرمل سيعزز التواصل البصري واللغوي فيما بينهم، ويولد لديهم المتعة والفرح، وسيعزِّز مشاعر الحب والرحمة لديهم، وينمي إحساسهم بروح التآلف والتعاون.

ومن الأنشطة التي من الممكن تنفيذها باستخدام الرمل: الحفر في الرمل، وصنع أشكال مختلفة منه باستخدام قوالب الرمل البلاستيكية الخاصة بالأطفال، وعمل مساج للقدم والجسم مما يؤدي لزيادة تدفق الدورة الدموية، واللعب العشوائي بالرمل... وغيرها من الأنشطة.

ومن هذا المنطلق، تعدُّ النزهة إلى الشاطئ أو الصحراء، وتوفير صناديق الرمل للطفل في فناء المنزل من أفضل الحلول التي لابد من توظيفها اليومي لطفل التوحد وإدراجها في خطة علاجه اليومية.

* باحثة دكتوراه بكلية التربية - جامعة السلطان قابوس، ومدربة في مجال الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة