السهم متى انطلق لا يعود

 

حمد بن صالح العلوي

al3alawi33@gmail.com

 

قارئي العزيز..

سعد صباحك ومساؤك بل كل أوقاتك، وأنت في رخاء وسعة صدر وصفاء بال، بعيد عنك الكدر والهم والحزن، وأنت تتقلب على فراش ناعم، ونعمة الصحة والعافية، فلله الحمد والشكر والثناء والرضا..

وإن مما لاشك فيه، أن نعم الله تعالى على الإنسان كثيرة لاتحصى ولاتُعد، وأن كل ذي فطنة، وهب عقلا، راجحا، وفكرا نيرا متزنا، وعليه فالإنسان، طبيب نفسه، ومن المعلوم أنَّه وقبل أن يشرع إلى أي عمل، ينفذه، يتأنى.

وقد قيل:"ولو تَأَنَّى نالَ ما تمنى.. وعاشَ طولَ عُمْرِهُ مهنا" و"على النابل أن يتأنى، فالسهم متى أنطلق لا يعود" وعلى العاقل، أن يعرف موطن قدميه.

وكما يعلم الجميع أياً كان موقعهم، أن ما تسمى بـ"كورونا" لم تبق شيئاً على ظهر الأرض إلا وأهلكته، وما تركت بلداً أوأرضًا، صغيرة أو كبيرة، وماتركت فردا، غنيا أو فقيرا، ولوما تركت قرية أو مدينة إلا وزارتها.

قارئي العزيز..

وأهل الحكمة والحنكة والدراية في كل بلد زارته كرونا، طلبوا اجتماعاً طارئاً، عاجلاً، يحضره ذوو الاختصاص، أو من ينوبون عنهم، وما اجتمع المهتمون لهذا الاجتماع وهذا اللقاء، إلا لأمر جلل، وأنهم يُخططون ويتدارسون فيما بينهم، محاولين، جاهدين، إيجاد حلول للخلاص من هذا الوباء، ويحاولون، تخفيف الروع على الآباء والأمهات والأبناء بل على المُجتمع جميعه بكل أطيافه.

اجتماعا تلو اجتماع، ولقاءً تلو لقاء، وإصدار قرارات وتعليمات وإرشادات، بين الفينة والأخرى، بكل اللغات، ودائماً يتبادر في أذهانهم، ويتساءلون: مايفعلون بهذا الضيف الثقيل على النفوس، والذي لم يتبق صغير أو كبير كان ذلك ذكرا أو أنثى، شابا أوشيخا أوكهلا يتكئ على عصاه، إلا وأهلكته أو إذا أراد أن يخفف عن روعه تسكن في جسده حيناً ثم تودعه فيودعه أهله.

ولقد مرَّت علينا شهور وأيام كانت ثقيلة، وهبطت علينا من أعالي الجبال صخرة كبيرة، ومرَّت علينا، دقائق بل ساعات وفرضت اللجنة العليا علينا أمورا منها: ألا نخرج من بيوتنا إلا لأمر مهم، وإذا خطت أرجلنا خطوات نحو باب البيت، علينا أن نرجع سريعاً، ولا نخرج أبداً من بيوتنا إلا إلى مقر أعمالنا فقط، لأنها هي رزقنا ورزق عيالنا.

قارئي العزيز، المبارك، أينما كنت وحللت:

أعزك الله تعالى ورفع قدرك، وبارك الله في أيامك وعمرك، واستحلفك بالله أن تعود إلى رشدك، وترجع بفتح حجرات عقلك، بمفتاح التفاؤل والحكمة، وأبعد عنك الهرج والمرج.

فبعد الحجر، سمح لنا بالخروج، وقد خرج الكثير من النساء والرجال والأطفال، من بيوتهم بغية استنشاق الهواء، كما يدعون، بعد أن كانوا في الغرف محبوسين، بلا قيود، وأغلال، فسرعان ما انتشروا، شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، منهم من اتجه برا، ومنهم من اتجه بحرا، ومنهم من اتجه إلى المزارع والحدائق والشواطئ، ومنهم من اتجه إلى الأنهار والبحيرات ومنهم إلى الجزر.

لأنَّ المسؤولين والشرطة التي كانت تلاحقهم، غابوا عنهم، وأولو الأمر والنهي، فتحوا لهم الحدود، والأبواب بمصرعيها، وأغلقوا محافظة الوسطى وظفار.

فإلى متى يا قومي هذا الهرج، عودوا إلى منازلكم، ودوركم، فالخطب زاد، والفيروس عاد.

آخر كلام...

اتق الله أيها العاقل، وادع ربك، يخفف مافيك من عذاب، وتأن وإن الفرج قريب.