رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" بمينيابوليس يفند أسباب "السقوط" في اختبار الفيروس

"لا مقايضة بين الحياة والاقتصاد".. لماذا فشلت أمريكا في السيطرة على "كوفيد 19"؟

 

 

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

"في غضون أسابيع فقط، يمكننا أن نوقف النيران الفيروسية التي اجتاحت الولايات المتحدة على مدار الأشهر الستة الماضية، وما زالت تخرج عن نطاق السيطرة، بالتأكيد سيتطلب الأمر تضحية، لكنه سينقذ آلاف الأرواح".. هكذا استهل الدكتور أوسترهولم  مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا وكاشكاري رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، مقالته المنشورة بـ"نيويورك تايمز" الأمريكية.

ولفت أوسترهولم إلى أَّنَّ "الاختيار أصبح واضحًا، يُمكننا الاستمرار في السماح لفيروس كورونا بالانتشار بسرعة في جميع أنحاء البلاد، أو الالتزام بإغلاق أكثر تقييدًا، كل ولاية على حدة، لمدة تصل إلى ستة أسابيع لسحق انتشار الفيروس إلى أقل من حالة جديدة واحدة لكل 100000 شخص يوميًّا". مضيفاً: "هذه هي النقطة التي سنتمكن عندها من الحد من الزيادة في الحالات الجديدة؛ عبر تدابير الصحة العامة الصارمة، تمامًا كما فعلت الدول الأخرى، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل".

إن حتمية ذلك كما يرى أوسترهولم واضحة لأن ما قامت به الولايات المتحدة حتى الآن لم ينجح، وقتل حوالي 160 ألف شخص. وفي الأيام الأخيرة، مات ما يقرب من ألف في اليوم، وما يقدر بنحو 30 مليون أمريكي يعانون من البطالة، بحسب ما ذكر.

وفي 30 يناير، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية "كوفيد 19" جائحة عالمية، أُبلِغ عن 9439 حالة في جميع أنحاء العالم، معظمها في الصين، وست حالات فقط تم الإبلاغ عنها في الولايات المتحدة، بيد أنه وفي 30 يوليو، أي بعد ستة أشهر فقط، تم الإبلاغ عن 17 مليون حالة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 676000 حالة وفاة. وسجلت الولايات المتحدة أربعة ملايين حالة إصابة و155 ألف حالة وفاة. وأكثر من ثلث الحالات في الولايات المتحدة حدثت خلال شهر يوليو وحده.

أوسترهولم يرى أنه "يمكن للأشهر الستة المقبلة أن تجعل ما شهدناه حتى الآن يبدو وكأنه مجرد استعداد لكارثة أكبر. مع بدء العديد من المدارس والكليات، وإعادة فتح المتاجر والشركات، وبداية موسم التدفئة الداخلية، ستنمو أعداد الحالات الجديدة بسرعة".

وتساءل المقال: لماذا فشلت استجابة الولايات المتحدة لاحتواء "كوفيد 19"، مقارنة مع النتائج الناجحة للعديد من الدول في آسيا وأوروبا وحتى الجارة كندا؟، ويجيب: "ببساطة، تخلينا عن جهود الإغلاق الخاصة بنا للتحكم في انتقال الفيروس، قبل أن يصبح الفيروس تحت السيطرة". موضحًا بأنَّه "حتى في الأماكن التي تفشى فيها المرض على نطاق واسع في مارس وأبريل، بمجرد أن تم دفع عدد الحالات الجديدة في تلك المناطق إلى أقل من حالة واحدة لكل 100,000 شخص يوميًا نتيجة للإغلاق، كان الحد من زيادة الحالات الجديدة ممكنًا من خلال مجموعة من الاختبارات وتتبع الاتصال وعزل الحالات والمراقبة المكثفة الاختبارات الإيجابية".

وسجلت الولايات المتحدة أدنى معدل لها في سبعة أيام منذ 31 مارس في 28 مايو، عندما كان 21000 حالة، أو 6.4 حالة جديدة لكل 100000 شخص يوميًّا. كان هذا المعدل أعلى بسبعة إلى عشرة أضعاف من المعدلات في البلدان التي نجحت في احتواء الإصابات الجديدة. في حين أن العديد من البلدان تعاني الآن من تفجر معتدل للفيروس، فإن عبء حالاتها يتراوح بين مئات أو آلاف الإصابات في اليوم الواحد، وليس عشرات الآلاف، وهي صغيرة بما يكفي بحيث يمكن لمسؤولي الصحة العامة التحكم في انتشاره.

وفي المقابل، أعادت الولايات المتحدة فتح أبوابها بسرعة كبيرة، وتشهد الآن حوالي 50000 حالة جديدة أو أكثر يوميًّا. وبينما تتراجع الحالات في المناطق الأكثر تضررًا في أريزونا وكاليفورنيا وفلوريدا وتكساس بسبب فرض بعض إجراءات التباعد الجسدي، فإنها تتزايد بسرعة في عدد قليل من ولايات الغرب الأوسط.

وأكد مقال "نيويورك تايمز" على أنه ولخفض معدل الحالات بنجاح إلى أقل من واحد لكل 100000 شخص يوميًّا، فإنه من الضروري توفير المأوى للجميع باستثناء العمال الأساسيين، بمعنى أنه يجب على الناس البقاء في المنزل والمغادرة للأسباب الأساسية فقط كـ"التسوق الغذائي، وزيارات الأطباء والصيدليات مع ارتداء الأقنعة وغسل اليدين بشكل متكرر". وأعقب بالقول: "إذا قمنا بذلك بقوة، فإن قدرة الاختبار والتعقب التي أنشأناها ستدعم إعادة فتح الاقتصاد كما فعلت البلدان الأخرى، وتسمح للأطفال بالعودة إلى المدرسة والمواطنين للتصويت شخصيًّا في نوفمبر.. وكل هذا سيؤدي لانتعاش اقتصادي أقوى وأسرع".

مختتمًا أوسترهولم بالقول: "لا توجد مقايضة بين الصحة والاقتصاد. كلاهما يتطلب السيطرة بقوة على الفيروس. سيحكم علينا التاريخ بقسوة إذا أضعنا هذه الفرصة لإنقاذ الحياة والاقتصاد".

تعليق عبر الفيس بوك