أطفال التوحد.. وقفة جادة

علي النعماني

في بداية افتتاحية هذه الزاوية التي حظيت بها من قبل الإخوة في جريدة الرؤية؛ أود أن أقدم لهم وافر الشكر على هذه المبادرة التي تخدم فئة غالية على قلوبنا وهم فئات ذوي الإعاقة والاضطرابات والمتلازمات على اختلاف أنواعها وتعدد مسمياتها، وهذا حتماً يُعبر عن الاهتمام البالغ من قبل ربان سفينة الرؤية المكرم حاتم الطائي في سبيل تفعيل المسؤولية الاجتماعية في المجتمع، وأتمنى أن يكون هذا العمود رافدا توعويا يخدم شريحة مبدعة وقادرة على العطاء الثري للمجتمع.

لا ريب أنَّ أغلب القراء الكرام سمع عن اضطراب طيف التوحد والذي سُجلت منه معدلات ارتفاع مقلقة في السنوات الماضية، حيث تبلغ نسبة انتشاره عالمياً ما بين 1-2%، ويعرّف اضطراب طيف التوحد بأنه اضطراب نمائي عصبي يصيب الأطفال في الثلاث سنوات الأولى من أعمارهم نتيجة خلل في وظائف الدماغ بحيث إن المسارات العصبية في الدماغ لا تعمل بالشكل الطبيعي، وربما كانت هناك ضبابية في معرفة الخصائص التي تميز الأطفال المصابين بهذا الاضطراب؛ حيث إن أشكالهم لا توحي بشيء من مظاهر الإعاقة، فمظهرهم كالأطفال الطبيعيين تماماً ولكن ما إن تقترب منهم حتى تشعر بأنهم مختلفون فعلا. وهناك سمات عديدة تميزهم والأبرز منها هي قلة أو ضعف التفاعل الاجتماعي بين الطفل ومُحيط أسرته ومجتمعه وقلة التواصل بكافة أشكاله سواء البصري والسمعي والحسي الإيمائي، علاوة على وجود حركات نمطية مختلفة وتسمى بالحركات الطقوسية التي يقوم بها الطفل بشكل مستمر أو كروتين معين لا يحب أن يُغيره ويرفض ذلك بشدة، وهذه هي السمات الثلاث الرئيسة التي حُددت من قبل المختصين. كما تحدد السمات الأخرى وهي كثيرة في عملية التشخيص التي تتم للطفل من قبل فريق متخصص ووفق مقاييس تشخصية معدة لاكتشاف الحالة.

وفي ظل الانتشار الواسع لهذا الاضطراب وظهور حالات كثيرة تسعى الدول إلى إيجاد حلول ملائمة وتهيئة الجو المناسب لينالوا حقوقهم من الرعاية والتأهيل والتعليم وهي جميعها مقرة في قوانين حقوق الطفل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعترف بها دوليا، وتطبيق هذه الحقوق واجب على كل الدول الموقعة لميثاق حقوق الطفل. وما ترجوه الأسر الآن من قبل الوزارات والمؤسسات التي تعمل على توفير الخدمات لفئة التوحد هي التأهيل المناسب والدمج في مجال التعليم والذي أثبت فاعليته في تحسن الحالات بشكل أفضل.

مؤكد أنّ هناك سعيا من القائمين على تقديم هذه الخدمات ولكن ما يتمناه الجميع هو وقفة جادة والتفاتة لأطفال التوحد تجعلهم أفرادا فاعلين في بناء هذا الوطن الغالي بالقيادة السامية من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ولا شك لدينا بأنّ القادم سيكون زاخرا بالعطاء لهذه الفئات التي تستحق كل خير في خدمة وطننا وسلطاننا المفدى.