رفقًا بأطفال التوحد

علي النعماني

 

في الثالث والعشرين من فبراير الماضي، استمعنا جميعا للخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- حيث تضمَّن الخطاب الخطوط الرئيسية التي رسمها جلالته، والمتماشية مع رؤية 2040 الزاخرة بطرق وآليات التطوير ورقي عُمان الغالية.

ومن المتعارف عليه أنَّ مُستقبل كل بلد مبنيٌّ بشكل رئيسي على أطفالها وشبابها، الذين هم عماد الوطن ومكوّن مهم في الدفع بعجلة التنمية قُدمًا لرفعة شأن الدولة ورقيها، ولا ريب أنَّ فترة الطفولة التي تُعد اللبنة الأساسية في شخصية الأفراد مستقبلاً، تعتريها بعض العوارض والتحديات؛ المتمثلة في: إصابة الأطفال في فترة الطفولة المبكرة بشتى اضطرابات النمو والسلوك، أو بعض الاضطرابات النفسية الناتجة عن مسببات عديدة؛ مثل: المسببات الاجتماعية والاقتصادية...وغيرها.

وسنركِّز في هذا المقال على اضطراب ربما باتَ معروفًا لدى أغلب أفراد المجتمع؛ وذلك لتنامي عدد الحالات المسجلة سنويًّا في كافة دول العالم بلا استثناء، إنه الاضطراب الغامض المعقَّد، اضطراب طيف التوحد الذي خيَّم بظلاله على الكثير من الأسر في السلطنة. ونظرًا للتحديات التي تواجه الأسر في وجود طفل توحُّد لديهم بالمنزل، باتت الحاجة للالتفاتة الجادة والدعم الحقيقي المتواصل لهم، إن أكثر ما تصبو إليه هذه الأسر هو وجود مراكز ذات مستوى عالٍ من الكفاءة وجودة في خدمتها المختلفة، والتي يحتاج إليها طفل التوحد، مع وجود الدمج التعليمي المتزامن مع التأهيل في بداية الأمر، ومن ثم الدمج التعليمي الكلي والجزئي للحالات المستعدة له؛ وأثبتتْ الدراسات العديدة فاعلية الدمج بكافة أشكاله في تحسن حالة الطفل السلوكية والمعرفية والاجتماعية، والتغلب على الصفات الرئيسية للاضطراب؛ والمتمثلة في ضعف التفاعل الاجتماعي وصعوبة في التواصل مع الآخرين، مع ضرورة عدم تهميش الأسر والتواصل معهم ومراعاة وضع معيشتهم وتنظيم دورات رسمية يقدمها مختصون ومهتمون بالتوحد، علاوة على التمكين الشامل في المجتمع والتوعية الدائمة المستمرة من قبل الجهات المعنية لجميع الأفراد من أجل تقبل الطفل بصفاته وخصائصه التي يتميز بها.

... إنَّ ما تطمح له أُسر التوحد متوافق والحقوق الواجب توفيرها لهؤلاء الأطفال وفق القوانين والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها أغلب دول العالم، ولا ريب أنَّ سعي الجهات لمحاولة توفير كل ما يطمح له أب وأم يحدوهم الأمل إلى أن يروا طفلهم، وقد تطوَّر وتحسَّن بشكل يسعدهم ويبعث في نفوسهم الأمل المتجدد للانخراط بعزم وقوة في بناء هذا الوطن الغالي مهما كانت الظروف.