قصة إنسانية تروي صلابة المرأة العمانية

"أم محمد" تتجرع مرارة الجوع وملاحقة الدائنين والعيش بالشارع لإسعاد أبنائها الأيتام

الرؤية- محمد قنات

قصة صبر "أم مُحمد" واحدة من قصص المُعاناة والكفاح والتضحية في تربية الأبناء ومصارعة الحياة وظروفها والتغلب عليها بعد مشقة.. وإذا كانت مفردة الصبر مُشتقة من الصبار وهو النبات الذي يتحمل أقسى الظروف، فإنَّ أم محمد قد فاقت الصبار، فصبرت كما لم تصبر أم في ظروفها..

 

حكاية أم محمد "والتي فضلت عدم ذكر اسمها واكتفت بكنيتها لخصوصية القضية" تبدأ فصولها من مرض زوجها وتعطله عن  العمل إلى وفاته، حيث ترك لها خمسة أيتام في أعمار ومراحل دراسية مُختلفة كافحت وناضلت وسهرت وتألمت لجوع أبنائها وحرمانهم من أبسط الأشياء التي يتمتع بها أقرانهم.

 

أم محمد امرأة تُعارك الحياة صباح كل يوم لتحيا هي وأبناؤها الخمسة الذين رحل عنهم والدهم قبل ثلاث سنوات لم يترك لها سوى العزيمة والصبر والأمل واليقين لمُجابهة متطلبات الحياة فطرقت أبواب الخير لتحيا بشرف وكرامة، وتحملت هي وأبناؤها الجوع والعيش على "حافلة" ركاب تنام فيها مع أبنائها وزوجها المريض، على أمل أن الله لا ينسى عباده وأن الفرج آت لامحالة.

 

تقول أم محمد: "لم يتمكن زوجي الراحل من إيجاد عمل ينفق منه على أولاده وكان يعتمد في مُعظم الفترات على عمل متقطع ليسد به حاجة أبنائه من الأكل والشرب إلى أن اشتد عليه المرض وتعطل عن العمل تماماً وأصبحنا عاجزين عن سداد الإيجار والحصول على الأكل والشرب، ونعتمد على المساعدات المتقطعة من الأهل والأصدقاء والمعارف".

وأضافت أم محمد:"وصل بنا الأمر إلى أن تحولنا للمحاكم بسبب إيجار البيت، وبعد أن تراكمت علينا الديون والملاحقات من أصحاب الإيجارات وعجزنا عن السداد، ومرَّت علينا فترات عصيبة تحملنا فيها كثيراً من المصاعب بل ذهب بنا الأمر في فترة من الفترات توسدنا أنا وزوجي وأبنائي التراب في الشاطئ لفترة من الزمن، بعدها قدم لنا صديق زوجي سيارة باص حتى ننام عليها، حتى يأتي الفرج".

 وتواصل أم محمد حديثها: "كنا نقضي حاجتنا في المساجد القريبة، في تلك الفترة ذهبنا إلى جمعية الرحمة حيث تم تسجيلنا في الجمعية ضمن الأسر المعسرة التي يتم دعمها، وفي تلك الفترة وبعد وفاة زوجي انتقلت إلى سكن في مطرح بالقرب من أسرتي"

وتتابع أم محمد:"أسرتي تُساعدني في المأكل والشرب لي ولأبنائي الصغار، ولم تكتفِ الجمعية بهذا الدعم وذهبت إلى أبعد من ذلك وتكفلت بإيجار المنزل في ولاية السيب، وتم توظيفي فيها وأصبحت أنال أجرا شهريا، ومبلغا يعينني على تربية أبنائي الخمسة ومواجهة متطلبات الحياة المعيشية اليومية والمساعدة على مواصلة دراستهم".

وتواصل أم محمد حديثها تمر علينا بعض الأيام نتناول فيها وجبة واحدة وأبنائي يتضورون جوعًا، ولانجد ما نسد به جوعهم، وفي مرات كثيرة يلاحظ علينا الجيران ذلك ويقدمون إلينا الطعام جزاهم الله خيراً.

وتقول أم محمد إن جمعية الرحمة ممثلة في أم سارة رحيمة حبيب مسافر وقفت معي في ظروفي بكل إنسانية وهي تتفقدنا وتقف معنا بكل تجرد، والآن حصلنا بفضل وقفتها ومساندتها على قطعة أرض، في منطقة الجفنين، نحتاج إلى من يمد لنا يد العون حتى نشيد بها منزلا نستقر فيه أنا وأبنائي.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك